لا نبالغ إذ نقول بأن الثورة السورية هي الثورة الأكثر مشاركة بتاريخ الثورات التحررية على مستوى العالم , لم تقتصر المشاركة على نوع واحد من الاحتجاج بل تعدت ذلك لتولد طرق جديدة من أشكال التمرد والتعبير عن ذاتها إن كان ذلك عن طريق المظاهرات أو الهيئات النقابية والمجتمع المدني الذي أخذ بالنمو المتسارع بعد انطلاق شرارة الثورة، وبذلك تكون الثورة السورية قد أخذت شكلاً تصاعديا أفقيا وعامودياً، ففي حين عمت المظاهرات بعض المحافظات السورية وأخذت بالتمدد أفقيا كان نصيب السويداء هو تصاعدها عاموديا، وفي كل يوم كانت تترسخ ضرورة الدخول في مضمار الثورة السورية واللحاق بركبها ما جعل من ثوار السويداء يشعرون بعبء أخلاقي مضاعف ويعملون جاهدين لتأدية واجبهم الوطني الذي لم يتأخروا في تلبيته تاريخيا.
إرث ثوري كبير
إرث عريق حمله الدروز في سورية عن أجدادهم الذين كانوا السباقين دائماً في كل القضايا الوطنية فهم أطلقوا شرارة الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي عام 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش، ولذلك كان ينظر لهم السوريون على أن أي ثورة قد تنطلق ضد نظام الأسد لا بدّ أن تكون السويداء في مقدمة المنتفضين والمشاركين فيها.
انطلاق المظاهرات أول الثورة
لم يتأخر الحراك الثوري في السويداء قد وعى مثقفوها منهم بأن مسؤوليتهم مضاعفة لما يحملوه من تاريخ نضالي ضد كل أنواع الظلم فكان تاريخ 25آذار عام 2011 هو انطلاق أول مظاهرة في مدينة صلخد والذي خرج فيها نخبة من الناشطين والمثقفين والمعارضين المخضرمين دعماً لدرعا، وتنديداً بالطريقة الوحشية التي جابه فيها النظام أهل درعا الثائرين، وكان الناشطون يأملون بالتحاق بقية الأهالي بالمظاهرة لكن المفاجأة كانت عندما تعرضوا للقمع من قبل "الشبيحة المحليين" تحت مرأى قوى أمن النظام، ما جعل من الحراك في المستقبل يتأثر أبلغ تأثير لهذه المواجهة من قبل شبيحة النظام لما للمجتمع في المحافظة من خصوصية.
وفي هذا الجانب يمكن القول أن النظام عمد إلى خلق شرخ في المجتمع داخل السويداء عبر تأليب الناس على بعضهم، في محاول لخلق فتنة محلية تضع المحافظة تحت رحمة سوطه.
اعتصام الشموع
تبع هذه المظاهرة على الفور ما عرف لاحقاً باعتصام الشموع وهو اعتصام صامت دعا له مثقفوا السويداء من أطباء ومحامين ومهندسين ومعلمين ومن الفئات كافة فقد اعتصم أكثر من مئة شخص في ساحة السير في السويداء، وأشعلوا الشموع حداداً على شهداء درعا، وما إن تجمع الناس وأشعلوا الشموع قوبل ذلك الاعتصام بالتشبيح من بعض المراهقين المأجورين من النظام على الدراجات النارية لفض ذلك الاعتصام، هنا أدرك الناشطون مدى الانقسام المجتمعي الحاصل وبعد مفهوم الثورة وضرورتها عن البعض، لذلك كان لابد لنا من خلق ظروف أفضل والعمل كبير لكي نصل بالثورة إلى الناس.
إراقة الدماء
كان الخيار الأول هو الاستمرار بالخروج في الساحات كي نصل الثورة لبقية الناس وتكسب حاضنة لها ولكن النظام بخبثه كان يعي مدى تماسك المجتمع في السويداء لذلك جهد كي لا يريق الدم في قمعه للمظاهرات واعتمد في ذلك فقط على الشبيحة المحليين الذين غرر بهم وبعض القوى الأمنية في ذلك .
لم يطلق النظام رصاصة واحدة في فضه لمظاهرات السويداء، حيث كان يعي خطورة إثارة الدروز في حين المدن السورية تشتعل غضبا من أفعاله كما أنه لم ينسى صفعة عام 2000 في مواجهة الغضب الشعبي الذي تمرّد على تجاوزات النظام الإجرامية.
الحراك المنظّم
مع تطور الأحداث وتسارع إيقاع الثورة كان لا بد للمحافظة السويداء من خلق فرص جديدة للتعبير عن ذاتها وغضبها من هذا النظام المجرم ففي مطلع العام 2012 وعلى امتداد المظاهرات على مساحة واسعة من سوريا أخذ الحراك الثوري في السويداء شكلاً أكثر تنظيماً ولكنه اعتمد على المظاهرات الطيارة والتعبير بأشكال مختلفة كالكتابة بعبارات ثورية
على الجدران ورمي المناشير والاعتصامات المطالبة بالمعتقلين.
قرر الناشطون تشكيل ثلاث لجان لجنة تمثل السويداء المدينة والثانية تمثل شهبا وقراها أما الثالثة فتمثل مدينة صلخد وقراها .. وكان لهذه اللجان في استمرار المظاهرات على قلة عددها أحيانا أكثر من ثمانية أشهر دون انقطاع.. لم يقتصر عملها على المظاهرات بل كما باقي المدن السوررية كانت تشارك بكافة أشكال التمرد، فعلى سبيل المثال في أحد الأيام استفاق النظام على كتابات مناهضة للأسد مننددة إجرامة وقد غطت مدن وقرى المحافظة كاملة أكثر من 50 طريق رئيسية كتب عليها في ساعة واحدة عبارات ضد النظام وكذلك البخ في ساعة واحدة على أكثر من 100 جدار في كافة أنحاء قرى السويداء كانت من تنظيم تلك الجان بالاشتراك مع تنسيقية محافظة السويداء المنبر الإعلامي الأكثر فعالية في المكونات الثورية في المحافظة آنذاك.
مشاركة المثقفين والنخب
تمّيزت السويداء عن غيرها من لمحافظات بنخبوية الحراك فيها وارتفاع نسبة المثقفين والمتعلمين المشاركين بالثورة، حيث خرج أول اعتصام نقابي في سورية ضد النظام من نقابة محامي السويداء، حيث تلى ذلك الاعتصام خروج أول بيان نقابي على المستوى الرسمي في 24 /3 / 2011.
ولم يكن هذا البيان هو الوحيد بل تلاه حراك مستمر لنقابة المحامين التي لم تتأخر في حراكها المدني والثوري بجهود محاميها الناشطين، ولم تتأخر بقية النقابات كنقابة الأطباء والصيادلة وغيرهم وعلى رأسهم نقابة المهندسين عن واجبهم الوطني حيث أصدر تجمع النقابات الآنفة الذكر بياناً مشتركاً، مؤكدين فيه على ضرورة التمسك بسوريا الدولة المدنية التعددية الديموقراطية حاثين على ضرورة إنجاز أهداف الثورة متمسكين بسلميتها ونابذين الذي اتبعه النظام.
ويحسب للحراك النقابي في السويداء بأنه أول حراك من نوعه على مستوى سوريا فنقابة المهندسين كما نقابة المحامين كان لها أيادي بيضاء بإخراج بعض المعتقلين من السجون.
وبسبب استمراية النشاط في نقابة المحامين جعل من باقي النقابات الخروج بالشئ نفسه كنقابة المحامين في حلب ومن ثم تلتها باقي النقابات إلى أن تطورت لتشكيل نقابة المحامين الأحرار في كل محافظة ولا سيما في المناطق المحررة، وكان للمحامين الأحرار في السويداء بتاريخ 18 /8 /2013 بياناً يستنكر اعتقال بعض المحامين الأحرار وينقض شرعية اجتماع نقابة المحامين في السويداء مستندين بذلك على المادة 49 الموضحة بالصورة..
تمرّد حذر
أكثر من 12 ألف شخص طلبوا للاحتياط والخدمة الإزامية في السويداء، لم يلتحق منهم سوى 220 شخص فقط حسب أول إحصائية تم إعدادها من قبل الناشطين، وقد أفاد أحد هؤلاء الناشطين الذي كان مسؤولا عن إعداد إحصائية الأعداد المطلوبة في قرى محددة شرقي صلخد وجنوبها فمثلا قد أفادنا بأن قرية امتان تم استدعاء أكثر من 115 للاحتياط لم يستجب منهم سوى اثنين .
وكذلك في قرية ملح تم تبليغ 120 شخص لم يوقع على التبليغ منهم 114 شخص ولم يلتحق منهم أحدا في ذلك العام وال6 أشخاص الذين وقعوا تم التوقيع من قبل أولياء امورهم وليس توقيعا شخصيا . والقرى الأخرى لها نفس النصيب من الإحصائيات .
وفي عام 2012 تم اعتكاف أكثر من 200 شرطي عن العمل كانوا يخدمون في محافظة درعا على إثر محاولات النظام زرع الفتنة الطائفية بين المحافظتين والمواجهات التي كان يجبر عناصره على اقحامهم بها وبقي أكثر من ثلاث أشهر معتصمين في بيوتهم وكان شرطهم أن يخدموا في محافظتهم ولا لن يعودوا للخدمة في درعا ما جعله يضطر للاستجابة لمطالبهم خبثا منه بأن يعود وينقلهم من جديد .. وإلى الآن لا يدخل جيش الأسد إلا من يقبض عليه على الحواجز المنتشرة في المناطق الخاضعة لسيطرته.
محاولة إسقاط تمثال الأسد
كان سقوط تمثال حافظ الأسد يقلق الناشطين وهم يرونه منتصباً في ساحة السير، حيث يلزم إسقاطه انتفاضة شعبية كبيرة تجنب الشباب انتقام النظام الذي وزع شبيحته وأمنه على ساحات المدينة وزرع حواجزه في كل المفارق، إلى أن جاء لاحقاً رجل يدعى "شمشوم" بمهدة وأقترب وحيداً وأخذ بالضرب على التمثال تحت مرأى من الناس المتواجدين وذهول وصمت مقلق لم يعرف كل من رآه أن يفعل شيءاً إلى أن جاء بعض العناصر الأمنية المتواجدة في الساحة واعتقلته لينطفيء مصير ذلك الرجل يومها.
انشاقاقت مبكرة عن الجيش
على الجانب العسكري لم يتأخر أبناء السويداء عن اللحاق بركب الرافضين لإقحام الجيش في معركة ضد الشعب، وكان لانشقاق الملازم أول خلدون زين الدين وقعاً كبيراً في الأشهر الأولى للثورة، فبالنسبة للنظام كان ذلك دليل ضده يحش نزرية تعرض الجيش للقتل من المتطرفين، فكيف ذلك والدروز ينشقون منه؟، ومن ناحية أخرى أثار انشقاق خلدون ومن ثم أخيه لاحقاً والعديد من الضباط وصف الضباط والعسكريين في مراحل الثورة المختلفة، أثار ذلك حماسة الناشطين السلميين في المحافظة.. مع التأكيد على أن الموقف العام في المحافظة للمعارضين كان يرفض دخول الجيش الحر إلى السويداء.
وكان يتزامن خروج المظاهرات في المحافظة مع بداية نشاطات عسكرية للجيش السوري الحر داخل المدينة عندما أصدر المجلس العسكري الثوري في السويداء والذي كان يقوده العقيد المنشق مروان الحمد، حيث تم تنفيذ عدة عمليات ضد القوات الحكومية في السويداء منها ضرب حاجز المجيمر التابع للجيش النظامي إضافة إلى عدة مواقع بالقرب من بلدة براق.
ويمكن القول أن الحراك العسكري للمنشقين الدروز بدأ بالتضاؤل والتقلص بعد استشهاده الملازم أول خلدون زين الدين خلال عملية عسكرية استهدفت محطة رادار في أعلى جبل في السويداء تمكن المقاتلون من خلالها تصفية عدد من أفراد الجيش الحكومي. وهذا لا يخفي مشاركة العشرات من المنشقين الدروز بالثورة السورية في مختلف المناطق.
عشرات الشهداء تحت التعذيب
في خضم الأحداث الثورية التي تواترت خلال الأربع سنوات الماضية، لدرجة أنه يمكن القول أن الحراك الثوري في السويداء ولأسباب تحتاج الكثير لتحليلها وتشريحها توقّف بالمعنى المتعارف عليه، فلا يوجد مظاهرات اليوم ولا أنشطة واضحة، إلا أنّ ذلك لا يلغي وجود الكثير من الثوار الذين فرضت عليهم الظروف وتغير سياقات الثورة إلى الانكفاء أو مغادرة الوطن، وفي الوقت نفسه لا بدّ من ذكر الكثير من معتقلي السويداء الذي قضوا في زنازين النظام تحت التعذيب حيث ناهز عددهم على الثلاثين، وهذا دليل آخر على أن النظام اسنهدف الدروز ولم ولن يحسبوا عليه، كما كانوا طوال تاريخهم الأبيض المليء بالإنجازات الوطنية.
إرث ثوري كبير
إرث عريق حمله الدروز في سورية عن أجدادهم الذين كانوا السباقين دائماً في كل القضايا الوطنية فهم أطلقوا شرارة الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي عام 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش، ولذلك كان ينظر لهم السوريون على أن أي ثورة قد تنطلق ضد نظام الأسد لا بدّ أن تكون السويداء في مقدمة المنتفضين والمشاركين فيها.
انطلاق المظاهرات أول الثورة
لم يتأخر الحراك الثوري في السويداء قد وعى مثقفوها منهم بأن مسؤوليتهم مضاعفة لما يحملوه من تاريخ نضالي ضد كل أنواع الظلم فكان تاريخ 25آذار عام 2011 هو انطلاق أول مظاهرة في مدينة صلخد والذي خرج فيها نخبة من الناشطين والمثقفين والمعارضين المخضرمين دعماً لدرعا، وتنديداً بالطريقة الوحشية التي جابه فيها النظام أهل درعا الثائرين، وكان الناشطون يأملون بالتحاق بقية الأهالي بالمظاهرة لكن المفاجأة كانت عندما تعرضوا للقمع من قبل "الشبيحة المحليين" تحت مرأى قوى أمن النظام، ما جعل من الحراك في المستقبل يتأثر أبلغ تأثير لهذه المواجهة من قبل شبيحة النظام لما للمجتمع في المحافظة من خصوصية.
وفي هذا الجانب يمكن القول أن النظام عمد إلى خلق شرخ في المجتمع داخل السويداء عبر تأليب الناس على بعضهم، في محاول لخلق فتنة محلية تضع المحافظة تحت رحمة سوطه.
اعتصام الشموع
تبع هذه المظاهرة على الفور ما عرف لاحقاً باعتصام الشموع وهو اعتصام صامت دعا له مثقفوا السويداء من أطباء ومحامين ومهندسين ومعلمين ومن الفئات كافة فقد اعتصم أكثر من مئة شخص في ساحة السير في السويداء، وأشعلوا الشموع حداداً على شهداء درعا، وما إن تجمع الناس وأشعلوا الشموع قوبل ذلك الاعتصام بالتشبيح من بعض المراهقين المأجورين من النظام على الدراجات النارية لفض ذلك الاعتصام، هنا أدرك الناشطون مدى الانقسام المجتمعي الحاصل وبعد مفهوم الثورة وضرورتها عن البعض، لذلك كان لابد لنا من خلق ظروف أفضل والعمل كبير لكي نصل بالثورة إلى الناس.
إراقة الدماء
كان الخيار الأول هو الاستمرار بالخروج في الساحات كي نصل الثورة لبقية الناس وتكسب حاضنة لها ولكن النظام بخبثه كان يعي مدى تماسك المجتمع في السويداء لذلك جهد كي لا يريق الدم في قمعه للمظاهرات واعتمد في ذلك فقط على الشبيحة المحليين الذين غرر بهم وبعض القوى الأمنية في ذلك .
لم يطلق النظام رصاصة واحدة في فضه لمظاهرات السويداء، حيث كان يعي خطورة إثارة الدروز في حين المدن السورية تشتعل غضبا من أفعاله كما أنه لم ينسى صفعة عام 2000 في مواجهة الغضب الشعبي الذي تمرّد على تجاوزات النظام الإجرامية.
الحراك المنظّم
مع تطور الأحداث وتسارع إيقاع الثورة كان لا بد للمحافظة السويداء من خلق فرص جديدة للتعبير عن ذاتها وغضبها من هذا النظام المجرم ففي مطلع العام 2012 وعلى امتداد المظاهرات على مساحة واسعة من سوريا أخذ الحراك الثوري في السويداء شكلاً أكثر تنظيماً ولكنه اعتمد على المظاهرات الطيارة والتعبير بأشكال مختلفة كالكتابة بعبارات ثورية
على الجدران ورمي المناشير والاعتصامات المطالبة بالمعتقلين.
قرر الناشطون تشكيل ثلاث لجان لجنة تمثل السويداء المدينة والثانية تمثل شهبا وقراها أما الثالثة فتمثل مدينة صلخد وقراها .. وكان لهذه اللجان في استمرار المظاهرات على قلة عددها أحيانا أكثر من ثمانية أشهر دون انقطاع.. لم يقتصر عملها على المظاهرات بل كما باقي المدن السوررية كانت تشارك بكافة أشكال التمرد، فعلى سبيل المثال في أحد الأيام استفاق النظام على كتابات مناهضة للأسد مننددة إجرامة وقد غطت مدن وقرى المحافظة كاملة أكثر من 50 طريق رئيسية كتب عليها في ساعة واحدة عبارات ضد النظام وكذلك البخ في ساعة واحدة على أكثر من 100 جدار في كافة أنحاء قرى السويداء كانت من تنظيم تلك الجان بالاشتراك مع تنسيقية محافظة السويداء المنبر الإعلامي الأكثر فعالية في المكونات الثورية في المحافظة آنذاك.
مشاركة المثقفين والنخب
تمّيزت السويداء عن غيرها من لمحافظات بنخبوية الحراك فيها وارتفاع نسبة المثقفين والمتعلمين المشاركين بالثورة، حيث خرج أول اعتصام نقابي في سورية ضد النظام من نقابة محامي السويداء، حيث تلى ذلك الاعتصام خروج أول بيان نقابي على المستوى الرسمي في 24 /3 / 2011.
ولم يكن هذا البيان هو الوحيد بل تلاه حراك مستمر لنقابة المحامين التي لم تتأخر في حراكها المدني والثوري بجهود محاميها الناشطين، ولم تتأخر بقية النقابات كنقابة الأطباء والصيادلة وغيرهم وعلى رأسهم نقابة المهندسين عن واجبهم الوطني حيث أصدر تجمع النقابات الآنفة الذكر بياناً مشتركاً، مؤكدين فيه على ضرورة التمسك بسوريا الدولة المدنية التعددية الديموقراطية حاثين على ضرورة إنجاز أهداف الثورة متمسكين بسلميتها ونابذين الذي اتبعه النظام.
ويحسب للحراك النقابي في السويداء بأنه أول حراك من نوعه على مستوى سوريا فنقابة المهندسين كما نقابة المحامين كان لها أيادي بيضاء بإخراج بعض المعتقلين من السجون.
وبسبب استمراية النشاط في نقابة المحامين جعل من باقي النقابات الخروج بالشئ نفسه كنقابة المحامين في حلب ومن ثم تلتها باقي النقابات إلى أن تطورت لتشكيل نقابة المحامين الأحرار في كل محافظة ولا سيما في المناطق المحررة، وكان للمحامين الأحرار في السويداء بتاريخ 18 /8 /2013 بياناً يستنكر اعتقال بعض المحامين الأحرار وينقض شرعية اجتماع نقابة المحامين في السويداء مستندين بذلك على المادة 49 الموضحة بالصورة..
تمرّد حذر
أكثر من 12 ألف شخص طلبوا للاحتياط والخدمة الإزامية في السويداء، لم يلتحق منهم سوى 220 شخص فقط حسب أول إحصائية تم إعدادها من قبل الناشطين، وقد أفاد أحد هؤلاء الناشطين الذي كان مسؤولا عن إعداد إحصائية الأعداد المطلوبة في قرى محددة شرقي صلخد وجنوبها فمثلا قد أفادنا بأن قرية امتان تم استدعاء أكثر من 115 للاحتياط لم يستجب منهم سوى اثنين .
وكذلك في قرية ملح تم تبليغ 120 شخص لم يوقع على التبليغ منهم 114 شخص ولم يلتحق منهم أحدا في ذلك العام وال6 أشخاص الذين وقعوا تم التوقيع من قبل أولياء امورهم وليس توقيعا شخصيا . والقرى الأخرى لها نفس النصيب من الإحصائيات .
وفي عام 2012 تم اعتكاف أكثر من 200 شرطي عن العمل كانوا يخدمون في محافظة درعا على إثر محاولات النظام زرع الفتنة الطائفية بين المحافظتين والمواجهات التي كان يجبر عناصره على اقحامهم بها وبقي أكثر من ثلاث أشهر معتصمين في بيوتهم وكان شرطهم أن يخدموا في محافظتهم ولا لن يعودوا للخدمة في درعا ما جعله يضطر للاستجابة لمطالبهم خبثا منه بأن يعود وينقلهم من جديد .. وإلى الآن لا يدخل جيش الأسد إلا من يقبض عليه على الحواجز المنتشرة في المناطق الخاضعة لسيطرته.
محاولة إسقاط تمثال الأسد
كان سقوط تمثال حافظ الأسد يقلق الناشطين وهم يرونه منتصباً في ساحة السير، حيث يلزم إسقاطه انتفاضة شعبية كبيرة تجنب الشباب انتقام النظام الذي وزع شبيحته وأمنه على ساحات المدينة وزرع حواجزه في كل المفارق، إلى أن جاء لاحقاً رجل يدعى "شمشوم" بمهدة وأقترب وحيداً وأخذ بالضرب على التمثال تحت مرأى من الناس المتواجدين وذهول وصمت مقلق لم يعرف كل من رآه أن يفعل شيءاً إلى أن جاء بعض العناصر الأمنية المتواجدة في الساحة واعتقلته لينطفيء مصير ذلك الرجل يومها.
انشاقاقت مبكرة عن الجيش
على الجانب العسكري لم يتأخر أبناء السويداء عن اللحاق بركب الرافضين لإقحام الجيش في معركة ضد الشعب، وكان لانشقاق الملازم أول خلدون زين الدين وقعاً كبيراً في الأشهر الأولى للثورة، فبالنسبة للنظام كان ذلك دليل ضده يحش نزرية تعرض الجيش للقتل من المتطرفين، فكيف ذلك والدروز ينشقون منه؟، ومن ناحية أخرى أثار انشقاق خلدون ومن ثم أخيه لاحقاً والعديد من الضباط وصف الضباط والعسكريين في مراحل الثورة المختلفة، أثار ذلك حماسة الناشطين السلميين في المحافظة.. مع التأكيد على أن الموقف العام في المحافظة للمعارضين كان يرفض دخول الجيش الحر إلى السويداء.
وكان يتزامن خروج المظاهرات في المحافظة مع بداية نشاطات عسكرية للجيش السوري الحر داخل المدينة عندما أصدر المجلس العسكري الثوري في السويداء والذي كان يقوده العقيد المنشق مروان الحمد، حيث تم تنفيذ عدة عمليات ضد القوات الحكومية في السويداء منها ضرب حاجز المجيمر التابع للجيش النظامي إضافة إلى عدة مواقع بالقرب من بلدة براق.
ويمكن القول أن الحراك العسكري للمنشقين الدروز بدأ بالتضاؤل والتقلص بعد استشهاده الملازم أول خلدون زين الدين خلال عملية عسكرية استهدفت محطة رادار في أعلى جبل في السويداء تمكن المقاتلون من خلالها تصفية عدد من أفراد الجيش الحكومي. وهذا لا يخفي مشاركة العشرات من المنشقين الدروز بالثورة السورية في مختلف المناطق.
عشرات الشهداء تحت التعذيب
في خضم الأحداث الثورية التي تواترت خلال الأربع سنوات الماضية، لدرجة أنه يمكن القول أن الحراك الثوري في السويداء ولأسباب تحتاج الكثير لتحليلها وتشريحها توقّف بالمعنى المتعارف عليه، فلا يوجد مظاهرات اليوم ولا أنشطة واضحة، إلا أنّ ذلك لا يلغي وجود الكثير من الثوار الذين فرضت عليهم الظروف وتغير سياقات الثورة إلى الانكفاء أو مغادرة الوطن، وفي الوقت نفسه لا بدّ من ذكر الكثير من معتقلي السويداء الذي قضوا في زنازين النظام تحت التعذيب حيث ناهز عددهم على الثلاثين، وهذا دليل آخر على أن النظام اسنهدف الدروز ولم ولن يحسبوا عليه، كما كانوا طوال تاريخهم الأبيض المليء بالإنجازات الوطنية.