ومصدر مقرّب لنصر الله يوجه رسالة له عبر أورينت نت ويكشف أسراره! 650_433_0142976801586903ردت هذه الرسالة إلى بريد صحيفة (أورينت نت) الإلكترونية من مصدر مجهول حاملة التقديم التالي:
" الإخوة الأعزاء في أورينت نت تحية طيبة، وبعد
أرجو نشر رسالتي المفتوحة هذه إلى "حسن نصر الله" وأود إعلامكم بأنني قريب جدا من قيادة الحزب وعلى معرفة شخصية وثيقة بنصر الله مع اعتذاري العميق عن عدم كشف هويتي لأسباب أمنية، وأعدكم بأن يكون ذلك قريبا"!
وإذ تنشر (أورينت نت) الرسالة كما وردت بنصها، دون أي تعديل أو تدخل، فإنها تعد القراء بالكشف عن هوية مرسلها، حالما يفي بوعده لنا، مع ملاحظة أن الرسالة تنم عن معرفة وثيقة بالفعل بحسن نصر الله كما تكشف بعض التفاصيل الخاصة.. وهي تخاطبه بلغة تعبر عن علاقة كاتبها به!

نص الرسالة:
" لم تحتفل الضاحية الجنوبية يوما كما احتفلت بالخروج السوري من لبنان، بخاصة الأمني منه. تنفسنا نحن في حزب الله الصعداء، وتبادلنا التهاني، بل وأوحينا إلى جمهورنا ــ الذي لم يكن ينتظر هذا الإيحاء ــ أن يوزع الحلويات.
كان الحزب يعاني بشدة من التدخل السوري في كل شيء، ومن الاستفزاز، ومن مخاطر أمنية جمة يمثلها هذا الوجود المخترق على كل الأصعدة، ومن ازدواجية ارتباط بقية القوى اللبنانية التي تدور في الفلك السوري. ولم يكن محتملا أن ندفع نحن ويظهر الولاء بالدرجة الأولى للسوريين.
* كان التقرير الذي وصل إلى الأمين العام وقيادات أخرى في الحزب عن بدايات أحداث درعا في الجنوب السوري مقلقا بما فيه الكفاية، الأمر الذي دفع الأمين العام حسن نصر الله للتشديد على إنجاز تقرير أكثر تفصيلا مع تنويع المصادر. إذ ليس ثمة أحد في الحزب يصدق أي مسؤول سوري. (فأجريت اتصالات بحماس والجهاد الإسلامي والقيادة العامة وفصائل أخرى، وعدد من الشخصيات المؤيدة للحزب).

كما بدأت مروحة الاتصالات السريعة مع طهران، مع بعض الاستفسارات من دمشق، وخلال أسبوعين توصل الحزب إلى ما يلي:
1. طريقة تعاطي النظام السوري مع الوضع ستزيد من تفجره.
2. ضرورة تنبيه طهران إلى خطورة الأمر ــ وهذا ما تم في الأيام الأولى ــ
3. ضرورة وضع دمشق في صورة سلسلة من الاقتراحات والتوصيات التي تنزع فتيل الأزمة.
4. متابعة أدق المعلومات حول الحراك الشعبي السوري

كان القلق يعتري الأمين العام ومعظم قيادات الحزب من سلوك النظام السوري، حتى أن قيادات الصف الأول طلبت أن تقوم طهران بالضغط على الأسد لاتخاذ خطوات معينة تنفس الاحتقان. موقف طهران كان التريث، مع غموض في الإجابة تمثل بالدرجة الأولى في قول إنها تدرس كل المعطيات وستتخذ القرار المناسب قريبا. وحده الأمين العام تسلم بعد ذلك رسائل خاصة عن حقيقة موقف طهران.
كان كثيرون من قيادات الحزب يتمنون لو أن الأسد زار درعا، وحاسب بحزم ابن خالته المجرم العميد عاطف نجيب، ووضع حدا للأزمة وتوج زعيما شعبيا حقيقيا في سورية، لكن الأمر سار عكس ذلك تماما، فباتت النتائج واضحة كقرص الشمس. ولم تلق كل التحذيرات آذانا صاغية، وبدأت الريبة والشك ينهشان كثيرا من كادر الحزب وقياداته.

ومع القرب من مركز القرار لم يكن من العسير فهم ما حصل باختصار:
• طلب الأسد حسم الأمر سريعا في درعا وبأي وسيلة، على أن يذهب إلى هناك بعد استتباب الأمن، وكان مقتنعا بأن ذهابه قبل ذلك يوحي بالضعف
• بدت طهران وكأنها تبحث عن فرصة سانحة كهذه، فلم تعبر ـ من خلال رسائل داخلية ـ إلا عن دعمها للأسد
• برزت أفكار لدى قادة الحزب وفي مقدمهم الأمين العام، تتحدث عن إنقاذ النظام السوري من نفسه، ليصبح الأمر لاحقا إنقاذ النظام من الثورة السورية... فالحفاظ على رأس النظام واجهة فقط، والحلول مكان النظام تدريجيا.

الضغط الإيراني في هذا الاتجاه، ودفع الحزب بكل قدراته لتطبيق المخطط الإيراني بحذافيره، أوجد شرخا عميقا في صفوف الحزب فشلت كل محاولات التقليل من شأنه. كان ثمة قيادات على قناعة بعدم دعم النظام السوري، بل وصل الأمر بالبعض إلى اقتراح دعم الثورة السورية والعمل على إسقاط الأسد سريعا، والفوز بتأييد شعبي هائل، وتكريس وجود الحزب في سورية. اقتراحات عرضت أصحابها للنفي وأشياء أخرى.
كان ذلك مقدمة موجزة لرسالتي المفتوحة إلى قيادة حزب الله وعلى رأسها الأمين العام، سأوجز فيها كذلك رأيي الذي لم يؤخذ بعين الاعتبار طيلة السنوات الأربع الأخيرة:
1. لا يمكن الثقة على الإطلاق بالنظام السوري، ومعظم الضربات التي تلقيناها كانت ناجمة عن اختراقات فيه، وقائمة الأمثلة هائلة.
2. لا يمكن بالتالي أن يحل الحزب مكان هذا النظام الفاسد للغاية، ولا يمكنه كذلك أن يتلطى به.
3. لا يمكن النجاح باستخدام النظام واجهة فقط، وتحديدا شخص الأسد لشد العصب العلوي الطائفي
4. الاصطدام مع الأسد وما تبقى من فلوله قادم لا محالة (مفاعيل التخلص من ضباط الأمن السوريين غير المرتبطين تماما بإيران لن تدوم طويلا)
5. خسارة الحزب هائلة والنزف مستمر منذ إعلان دعمه النظام السوري (تلقينا عشرات الرسائل من حلفاء وغيرهم تحذرنا)
6. تبعيتنا شبه الكاملة لطهران لم تكن مؤذية كما كانت مؤذية بالشأن السوري.
7. كنا وما زلنا نبالغ بحجم الدور الذي أناطته بنا طهران، وصدقنا أننا يمكن أن نكون وكلاءها في المنطقة العربية
8. حجم الفساد داخل الحزب كبير ومتشعب وعميق
9. حجم الاختراق في الحزب بات أكبر مما هو متصور
10. وصل الأمر ببعض "الأمنيين" إلى عدم الاكتراث بالخرق الإسرائيلي، بل وصفه البعض بأنه "قد يكون عامل أمان"، وبات التركيز على أي خرق عربي "وهابي أردني مصري ... إلخ"
11. موقف الحزب بشأن سورية استعدى عشرات ملايين العرب، ودفع مئات الآلاف من الشباب للانخراط في تنظيمات معادية للحزب. ووجدت أجهزة الاستخبارات فرصتها التاريخية لاستقبال ألوف المتطوعين الناقمين على تدخل الحزب
12. ثمة أفراد في الحزب لم يتحملوا وحشية النظام وموقف الحزب المساند له، فارتبطوا بأجهزة معادية (تعرفون كم حالة لدينا)
13. الأخطر أن المزاج الحزبي العام والمناصر لم يعد يرى في إسرائيل العدو الأول، بل الثوار السوريين (هذا الأمر يتفاقم) وينهي جزءا كبيرا من مبررات وجود الحزب المعلنة
14. فشلنا فشلا ذريعا في التنصل من حقيقة أننا مرتبطون عضويا بطهران في كل شيء
15. فشلنا بشكل مؤسف في عدم إظهار طائفيتنا
16. فشلنا في الحفاظ على قاعدتنا الشعبية
17. خسرنا الإسلام السني المعتدل وهو تيار كبير جدا
18. ممثلون عن العلويين (الذين هم خبراء في الانحياز للأقوى) على اتصال دائم بالرياض وأنقرة
19. فقدت إطلالات الأمين العام زخمها ومعناها، وبات ضعيفا ومرتبكا بشكل ملفت للنظر (انتقاد كثرة خطاباته وجوهرها غير متاح أبدا)
20. كل العوامل سالفة الذكر وغيرها الكثير سهلت التحكم في الحزب وسياساته من غير عناء

اقتراحي الذي قدمته بصيغة تساؤلات فتحت باب الاستهزاء، لا يزال قائما وسأعرضه هنا بوضوح تام:
• إعلان حزب الله أنه ارتكب خطأ جسيما بوقوفه إلى جانب المجرم بشار الأسد
• اعتذار الحزب من الشعب السوري
• إعلانه وضع كل قدراته لإسقاط النظام واستعداده للتعاون مع كل الفصائل الثورية
• استعداده لنجدة السوريين المشردين

بذلك يعيد الحزب بقرار شجاع كهذا جزءا مما فقده، ويضعه على سكة الصواب، لأنه لن يجني إلا المزيد من الخسائر. وإذ يبدو أن أمرا كهذا مستحيل التنفيذ، إلا أنه ليس كذلك، وستكون نتائجه في كل الأحوال أفضل بكثير من الاستمرار في هذا النهج التدميري.
وإذا كانت هذه رسالتي الأولى، فإن الثانية ستكون أشد وطأة. وختاما أتوجه إلى الأمين العام الذي كنت أعرفه جيدا (إنسانا في كل ما للكلمة من معنى، مؤمنا وحريصا على الدماء والشرف...) قائلا له هل تقاتل دفاعا عن مجرمين ارتكبوا "ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر"؟! كيف يجد النوم إلى جفنيك سبيلا وأنت تعرف ذلك؟

تعرف الفظائع كلها، وهذا غيض من فيض ممارسات جنود وعناصر أمن الجيش العربي السوري ومن يساندهم من مرتزقة:
• اغتصاب النساء والأطفال (أليس في أهل بيتك نساء وأطفال)
• اغتصاب المرأة أمام زوجها، والابنة أمام أبيها، والولد أمام أمه، والأم أمام ابنها أو ابنتها... (هل لك أن تتخيل)
• بقر بطون الحومل وقتل الأجنة والمواليد الجدد
• حرق المعتقلين أحياء، أو دفنهم، أو تجويعهم حتى الموت، وتعذيبهم بما لا يخطر على بال (هل رأيت صور المعتقلين القتلى؟)
• قتل آلاف المعتقلين للاستفادة من أعضائهم (وأنت تعرف هذا جيدا)
• مئات المعتقلين ربطوا بأثقال حديدية وهم مكبلون وأغرقوا في البحر
• استخدام الأسلحة الكيميائية وكل أنواع الأسلحة الأخرى ضد المدنيين
• قصف المدنيين بالبراميل المتفجرة (وأنت القائل ـ كما قيل همسا ـ إن الصواريخ الإسرائيلية أرحم بكثير!)
• تدمير البيوت بعد نهبها وتدمير الزرع والضرع
• تدمير المساجد بعد تدنيسها
• قتل نحو 300,000 مدني، واعتقال 220,000 ألفا قتل أكثر من نصفهم والباقي ينتظر
• ملايين المشردين واللاجئين
وعشرات الممارسات الأخرى التي يندى له الجبين.

الأمين العام ـ وأنا أعرف أنك تتابع كثيرا من وسائل الإعلام ـ أرجو أن تطلع على رسالتي هذه وتتدبرها بعناية، وهي إن لم تصل إليك أو حجبت عنك، فلن يكون أمامي إلا رسالة ثانية مدعمة بالأسماء والمواقف والقرارات.
سابقا قلت مبتسما وأنت تمازح الموجودين ــ وذاكرتك لا تخونك ــ: " قد يأتي يوم نندم فيه على أي علاقة بالنظام السوري ".. ها قد أتى سريعا هذا اليوم.. ولات حين مندم!"