تعود علاقة النظام السوري والإيراني باليمين الأوروبي المتطرف لعدة عقود، وكانت هادئة بعيدة عن الإعلام، بررها النظامان بعداء اليمين الأوروبي للحركة الصهيونية مع تجاهل موقف هذا اليمين من المهاجرين العرب والمسلمين وموقفه المتشدد من الاسلام.

وفي الوقت الذي تتحاشى فيه الدول أي ارتباط مع جماعات اليمين، قام النظام، اللاهث خلف أي زوار يطرقون بابه، بتنشيط هذه العلاقات وتحولت دمشق إلى محج لزعامات مختلف أحزاب اليمين والشخصيات العنصرية العالمية.

يقول الكاتب "هشام الأشقر" في مقال له بعنوان "قراءة في الموجة الجديدة لليمين المتطرف في أوروبا وأسباب دعمه للنظام في سوريا" إن العلاقات بين النظام السوري واليمين الأوروبي المتطرف برزت بشكل واضح منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، لا سيما اليمين الفرنسي المتطرف حيث تتالت الزيارات التي كان أبرزها زيارة "فريديريك شاتيلون"، وذلك في عام 1994.

مع توريث "بشار" زعامة النظام برزت علاقاته مع اليمين الأوروبي، وازدادت وتيرة الزيارات إلى دمشق، ويقول الأشقر إن هذه الزيارات كانت تمرّ معظمها من لبنان، حيث جرت العادة أن يعقد الزائرون لقاءات مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، حليف النظام السوري، وأبرزهم "فريديريك شاتيلون وآلان سورال".

المتظاهرون ضد الاسد.. صهاينة!
"فريديريك شاتيلون" هو رئيس المنظمة الطلابية المتطرفة "مجموعة اتحاد دفاع" والمقرّب جداً من "مارين لوبان" الرئيسة الحالية لحزب "الجبهة الوطنية" الفرنسية اليمينية المتطرفة. وعلاقته بالنظام السوري تخطت السياسة، للشراكة في مجال الأعمال حيث قامت شركته "ريوالRIWAL "، وهي مختصة في تقديم الاستشارات الإعلامية، بإنشاء شركة "ريوال سوريا" في عام 2009 المهتمة بدعم المؤسسات العمومية السورية في فرنسا، والمتصلة مباشرة بوزارة الإعلام السورية، حيث تعمل على الترويج لما يصدر عنها من بيانات في أوروبا إجمالاً وفرنسا خصوصاً.

كما أنشأ شاتيلون موقع " INFOSYRIE" بعد انطلاق الثورة بعدة اشهر لدعم موقف النظام وترويج روايته حيث يقوم الموقع بترويج حديث النظام عن المؤامرة و"العصابات المسلحة"، إتهم شاتيلون كل من يشارك بالمظاهرات المعارضة للنظام في بأنهم شركاء اللوبي الصهيوني الذي يريد زعزعة استقرار سورية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قام شاتيلون في شهر تشرين الأول من العام نفسه بتنظيم تظاهرة في باريس من أجل دعم النظام.

خضع شاتيلون في 23 كانون الثاني الماضي للتحقيق معه بخصوص تهم بالاحتيال وغسيل الأموال لتمويل حملة "ماري لوبان" زعيمة حزب "الجبهة الوطنية" للانتخابات الرئاسية، حيث يستخدم شركته "راول" كواجهة، بحسب موقع "mediapart" الفرنسي وجاء في التحقيق الموسع الذي نشره الموقع أن شاتييون تلقى أموالاً بشكل منتظم من النظام السوري عبر سفارته في باريس.


روسيا تمول أيضاً
أما "ماري لوبان" زعيمة حزب "الجبهة الوطنية" فقد قامت بالظهور على شاشات النظام في نهاية عام 2012 وقدمت الدعم للنظام وتكرار روايته عن المؤامرة وقالت "الربيع العربي قد تحول إلى شتاء"، كما أنها وأثناء زيارة لها إلى موسكو أثنت على الدور الروسي في سوريا وقالت أن "روسيا أنقذت سوريا" .

وكانت صحيفة الاندبندنت نشرت تقريراً في شهر تشرين الثاني من العام السابق أن حزب لوبان سيتلقى قرضاً من بنوك روسية، على علاقة بالكرملين، بقيمة 40 مليون "يورو" لتمويل مشاركته في الانتخابات الاقليمية في فرنسا والرئاسية عام 2017، وذكرت الصحيفة بأن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" يمول ويدعم الأحزاب اليمينية في الدول الأوروبية مثل المجر واليونان وألمانيا.

الطاغية ضرورة
"آلان سورال" المستشار الأسبق لجون ماري لوبان، هو شخصية مثيرة للجدل بسبب خياراته، حيث انتقل من اليسار الفرنسي لأقصى اليمين، وهو كما يقول "هشام الأشقر" يجمع بين صور تشي غيفارا ومعمر القذافي ومحمود أحمدي نجّاد وفلاديمير بوتين وأيقونة اليمين المتطرف الفرنسي جان دارك، وستظهر صور هذه الشخصيات المتناقضة في مظاهرات حركة "الطريق الثالث" المتطرفة في مظهر قل مثيله عن تضافر أقصى اليمين مع أقصى اليسار المتطرفين.

وقام سورال برحلات مكوكية بين دمشق وباريس، ويحاول كسب تعاطف شعبي أوروبي مع نظام الأسد، حيث يقول عن نظام الأسد بأن الدول في منطقة الشرق الأوسط بحاجة لنظام مستبد "هذه البلدان بحاجة إلى زعيم قبضته حديدية للمحافظة على وحدته".هؤلاء هم داعمو الأسد من "اليمين المتطرف" في فرنسا! 650_433_0142640214285854