كانت جارية جميلة المنظر تمر في أحد المناطق التي لا تعرفها جيداً
عندما أرادت الدخول للحمام وكان في ذلك الزمان حمام النساء المتواجد في الشوارع
يسمى حمام منجاب وله باب ذو شكل مميز لكي تعرفه النساء
وكان رجلاً واقفاً على باب يشبه باب الحمام
فسألته أين الحمام فأشار إلى الباب الذي يقف خلفه
فدخلت الجارية الباب فإذا بها تصعق بأنها دخلت بيت
ودخل الرجل الذي دلها على الحمام خلفها
فعلمت أنها خدعت وأنه أدخلها بيته ليتمكن منها
ففكرت في حيلة تتخلص فيها من مكر هذا الرجل
فأظهرت له السعادة العارمة بأنها دخلت بيته
واستبشرت باجتماعه معه في خلوة في الدار
ثم قالت له : ألا يصلح في هذا الوقت الجميل أن يكون لدينا ما لذ وطاب من الطعام والشراب
لكي نبهج ونمتع أنفسنا فاستبشر هو بكلامه
وقال لها : الآن آتيك بما تريدين
وفتح باب بيته وخرج مسرعاً للسوق ليشتري الطعام والشراب
واستغلت تلك الجارية خروجه فهربت من البيت
وعندما عاد هذا الشاب ولم يجد الجارية جن جنونه
وعرف أنها خدعته وأنه أضاع فرصة لا تعوض
وبدلاً من أن يتوب لله ويعرف أن النظرة التي فتنته هي من الشيطان
ويحمد الله على عدم وقوعه بالإثم
هام هذا الشاب على وجهه يحكي في الأسواق
يَا رب قائلة يَوْمًا وقد تعبت *** أَيْن الطَّرِيق إِلَى حمام منْجَاب
وإذا به في أحد المناطق يقول شعره هذا
فسمع من خلف باب بيت رداً على كلامه من الجارية التي هربت منه
هلا جعلت لَهَا إِذْ ظَفِرتَ بهَا *** حرْزا على الدَّار أَو قُفلا على الْبَاب ؟
إِنْ يَنْفَد الرِّزْقُ فَالرّزَّاقُ يَخْلِفُهُ *** وَالعِرْضُ إِنْ نْفَدَ فمِنْ أَيْنَ يُنْجَابُ ؟
فَزَاد هيمانه ، وَاشْتَدَّ هيجانه ، وَلم يزل كَذَلِك
حَتَّى كَانَ من أمره أنه لما نزل بِهِ الْمَوْت وجاءت ساعة احتضاره ،
قيل لَهُ قل : "لَا إِلَه إِلَّا الله " .. فلم يستطع ، إنما جعل يَقُول :
أَيْن الطَّرِيقُ إِلَى حمَّام منْجَاب ؟
فنعوذ بِاللَّه من المحن والفتن ، و من سوء الخاتمة .