سوف يأتي يوم يبيد فيه الله تعالى الحياة والأحياء، وذلك مصداقاً لقوله تعالى:" كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ "، الرحمن/26- 27، وقوله تعالى:" كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ "، القصص/88، ثمّ يأتي بعد ذلك وقت يعيد الله تعالى فيه العباد ويبعثهم، فيقفون بين يديه، ويحاسبهم الله تعالى على ما قدّموه من أعمال، وسيكون في هذا اليوم العظيم أحداث وأهوال،
(1) نذكرها في هذا المقال.
إنّ يوم القيامة يشتمل على مراحل عظيمة ومواقف هائلة، تمّ ذكرها في نصوص الوحي من القرآن والسنّة، وأوّل هذه المراحل هو بعث النّاس، وخروجهم من القبور، وحشرهم جميعاً حفاةً عراةً، ثمّ بعد ذلك يأتي الأنبياء للفصل في أمرهم، فتكون الشّفاعة الكبرى لسيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ تتطاير الصّحف، ويأخذ كلّ إنسان كتابه بيمينه أو شماله، ثمّ تنصب الموازين، وتوزن الأعمال، وتتبع كلّ أمّة ما كانت تعبده في الحياة الدّنيا، ثمّ الورود على الحوض، ثمّ المرور على الصّراط، ثمّ وقوف النّاجين من هذه المراحل على قنطرة المظالم، وذلك للمقاصة فيما بينهم، ثمّ دخول الجنّة أو النّار، ثمّ خروج من دخل النّار من المؤمنين، وذلك في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
(2)
#النفخ_في_الصور
عندما يأتي يوم القيامة يُنفخ في الصّور، فينهي ذلك الحياة في الأرض وفي السّماء، قال تعالى:" وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ "، الزمر/68. وهذه النّفخة تكون هائلةً ومدمّرةً، فعندما يسمعها المرء فإنّه لا يستطيع أن يوصي بشيء، ولا يستطيع أن يعود إلى أهله، قال تعالى:" مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ - فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ "، يس/49-50.
ومن الوارد أنّ السّاعة تقوم في يوم الجمعة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" خير يوم طلعت عليه الشّمس يوم الجمعة، فيه خُلِق آدم، وفيه أُدخل الجنّة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم السّاعة إلا يوم الجمعة ". (1)
#البعث_و_النشور
المراد بالبعث هنا المعاد الجسمانيّ، وإحياء الموتى في يوم القيامة، والنّشور كلمة مرادفة للبعث في معناها، يقال: نشر الميت نشوراً إذا عاش بعد الموت، وأنشره الله أحياه. فعندما يشاء الله تعالى أن يعيد النّاس ويحييهم فإنّه يأمر إسرافيل فينفخ في الصّور، فتعود الأرواح إلى أجسادها، ويقوم النّاس للقاء ربّ العالمين، قال تعالى:" وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ "، الزمر/68.
وقد حدّثنا الله سبحانه وتعالى عن مشهد البعث، فقال:" وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ "، يس/51-53.
#أرض_المحشر
إنّ الأرض التي يحشر الله سبحانه وتعالى عليها النّاس في يوم القيامة هي أرض أخرى غير هذه الأرض، قال تعالى:" يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ "، إبراهيم/48.
وقد حدّثنا الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - عن صفة الأرض التي سيحشر النّاس عليها، ففي صحيحي البخاري ومسلم، عن سهل بن سعد قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول:" يحشر النّاس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء، كقرصة النّقي "، قال سهل أو غيره:" ليس فيها معلم لأحد ". (1)
#الشفاعة
عندما يشتدّ الكرب على النّاس في هذا الموقف العظيم، ويطول بحثهم عن أصحاب المنازل العالية عند ربّهم ليشفعوا لهم، حتى يأتي الله سبحانه وتعالى لفصل الحساب، وتخليص النّاس من كربات وأهوال ذلك اليوم، فيطلبون من أبيهم آدم أن يشفع لهم عند ربّهم، ويذكّرونه بفضله وإكرام الله تعالى له، فيأبى ذلك، ويرسلهم إلى نوح عليه السّلام، أوّل رسل الله تعالى إلى البشر، فيأبى ويتذكّر ما كان منه من تقصير في بعض الأمور تجاه ربه ومولاه، ثمّ يرسلهم إلى من بعده من أولي العزم من الرّسل، وكلّ واحد يدفعها إلى الذي بعده، حتّى يصلوا إلى النّبي محمّد - صلّى الله عليه وسلّم - خاتم الرّسل والنّبيين.
فيقوم الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - ويستأذن على ربّه فيأذن الله تعالى له، فيحمده ويمجِّده، ويسأله في أمّته، فيستجيب الله تعالى له، وذلك لأنّ الله أعطى لكلّ نبيّ دعوةً في أمّته لا تردّ، وقد استعجل كلّ نبيّ تلك الدّعوة في الدّنيا، وخبّأ الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - دعوته إلى ذلك اليوم الذي تحتاج فيه الأمّة إلى دعوته، وقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" كلّ نبيّ يسأل سؤالاً أو قال: لكلّ نبي دعوة دعاها لأمّته، وإنّي اختبأت دعوتي شفاعةً لأمّتي يوم القيامة ". (1)
3الحساب_والجزاء
يراد بالحساب والجزاء وقوف النّاس جميعاً بين يدي الله عزّ وجلّ، فيعرّفهم بأعمالهم التي عملوها في الحياة الدّنيا، وكلّ صغيرة وكبيرة قاموا بها، ويحاسبهم على كفرهم أو إيمانهم، ويعطيهم جزاءهم على ما قدموه من ثواب أو عقوبة، ويعطى النّاس كتبهم بأيمانهم أو شمائلهم، ويشمل الحساب ما يقوله الله عزّ وجلّ لعباده، وما يقولونه له، وما يقيمه عليهم من حجج وبراهين، وشهادة كلّ الشّهود، ووزن الأعمال. ومن الحساب ما يكون عسيراً، ومنه ما يكون يسيراً، والله عزّ وجلّ يتولى ذلك كله. (1)
#الميزان
في ختام يوم القيامة يُنصب الميزان لتوزن عليه أعمال العباد جميعاً، يقول القرطبي:" وإذا انقضى الحساب كان بعده وزن الأعمال، لأنّ الوزن للجزاء، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة، فإنّ المحاسبة لتقدير الأعمال، والوزن لإظهار مقاديرها، ليكون الجزاء بحسبها ".
وقد دلّت النّصوص على أنّ هذا الميزان هو ميزان حقيقيّ، لا يعلم ماهيته إلا الله تعالى، فقد روى الحاكم، عن سلمان، عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" يوضع الميزان يوم القيامة، فلو وزن فيه السّماوات والأرض لوسعت، فتقول الملائكة: يا رب لمن يزن هذا؟ فيقول الله تعالى: لمن شئت من خلقي. فتقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك ". وهذا الميزان دقيق، فلا يزيد ولا ينقص، قال تعالى:" وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ "، الأنبياء/47.(1)
#الحوض
يكرم الله نبيّه محمّد - صلّى الله عليه وسلّم - في موقف يوم القيامة العظيم، وذلك بإعطائه حوضاً واسع الأرجاء، ماؤه أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السّماء، يأتيه هذا الماء الطيّب من نهر الكوثر، الذي أعطاه الله تعالى لرسوله - صلّى الله عليه وسلّم - في الجنّة، فترد عليه أمّة النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فمن شرب منه شربةً لا يظمأ بعدها أبداً.
وقد اختلف أهل العلم في موضع الحوض، فذهب الغزالي والقرطبي إلى أنّه يكون قبل مرور النّاس على الصّراط يوم القيامة، واستدلوا على ذلك بأنّه يؤخذ بعض وارديه إلى النّار، فلو كان بعد الصّراط لما استطاعوا أن يصلوا إليه. فعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" حوضي مسيرة شهر، وزواياه سواء، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السّماء، من يشرب منها فلا يظمأ أبداً "، متّفق عليه. (1)
#الجنه_او_النار
في ختام يوم القيامة يُحشر النّاس إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار، وهذان هما المقرّان الأخيران اللذان يستقرّ فيهما العباد جميعاً، وقد أخبرنا النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - أنّ كلّ أمّة يطلب منها أن تتّبع الإله الذي كانت تعبده، فكلّ يقوم يتبعون ما عبدوا، ثمّ تتساقط هذه الآلهة الباطلة في النّار، ويتساقط من عبدوها وراءها في السّعير، وذلك كما قال تعالى في فرعون:" يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ "، هود/ 98.
ولا يبقى بعد ذلك إلا من آمن وبقايا من أهل الكتاب، ثمّ يتبع المؤمنون ربّهم، وينصب الصّراط، ويعطى المؤمنون أنوارهم، فيسيرون على الصّراط، ويطفأ نور المنافقين، ويقال لهم: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً، ثمّ يضرب بينهم بسور له باب، باطنه فيه الرّحمة، وظاهره من قبله العذاب، ويمرّ العباد مسرعين على الصّراط، وذلك بقدر إيمانهم وما عملوه من أعمال صالحة في الحياة الدّنيا. (1)
#وقت_يوم_القيامه
إنّ الإيمان بيوم القيامة هو أصل من الأصول، ولا يتمّ إيمان العباد إلا به، قال تعالى:" لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ "، البقرة/177، وقال تعالى:" وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا "، النساء/162.
وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عباده في القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرناً أنّ موعد قيام السّاعة قد اقترب، ولأنّ آوان وقعها قد حلّ، قال تعالى:" اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ "، القمر/1، وما انشقاق القمر إلى واحدة من الدّلالات على قرب وقوعها.
فقد ورد في صحيح البخاري ومسلم، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" إنّما أجلكم فيمن مضى قبلكم من الأمم من صلاة العصر إلى مغرب الشّمس "، وفي لفظ:" إنّما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم ما بين صلاة العصر إلى غروب الشّمس ".
وقد سُئل رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - عن السّاعة، فقال:" ما المسؤول عنها بأعلم من السّائل " وقد كان السّائل جبريل عليه السّلام في حينها متمثّلاً في صورة بشر، وبالتالي فإنّ جبريل وهو أعلى الملائكة منزلةً، وسيّدنا محمّد وهو أعلى البشر منزلةً، لا يعلمان متى تكون السّاعة، وبالتالي حريّ أن لا يعرفها أحد من النّاس.
وقد سُئل رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - عن السّاعة، فقال:" ما المسؤول عنها بأعلم من السّائل " وقد كان السّائل جبريل عليه السّلام في حينها متمثّلاً في صورة بشر، وبالتالي فإنّ جبريل وهو أعلى الملائكة منزلةً، وسيّدنا محمّد وهو أعلى البشر منزلةً، لا يعلمان متى تكون السّاعة، وبالتالي حريّ أن لا يعرفها أحد من النّاس.
وقد بيّن ووضّح القرآن الكريم أنّ وقت السّاعة من خصائص علم الله تعالى، ومن الأمور الغيبيّة، ولذلك فإنّ أحداً لم يطلع على وقت وقوعها، قال تعالى:" يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ "، الأعراف/187، وقال تعالى في آية أخرى:" يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا "، الأحزاب/63، وقال تعالى:" يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا "، النازعات/42-44. (3)
#أشراط_يوم_القيامة
ولمّا أخفى الله عزّ وجلّ وقت السّاعة عن النّاس، فإنّه قد أعطاهم علامات وأمارات تدلّ على اقتراب وقوعها، وقد وردت هذه الأمارات في القرآن الكريم تحت مسمّى أشراط السّاعة، قال تعالى:" فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا "، محمد/18.
وقد وردت الكثير من الأحاديث المذكور فيها أشراط السّاعة جملةً وتفصيلاً، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" لا تقوم السّاعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان، تكون بينهما مقتلة عظيمة، دعوتهما واحدة، وحتّى يبعث دجّالون كذّابون قريب من ثلاثين، كلّهم يزعم أنّه رسول الله، وحتّى يقبض العلم، وتكثر الزّلازل ويتقارب الزّمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، وهو القتل، وحتّى يكثر فيكم المال، فيفيض حتى يُهِمَّ رَبَّ المال من يقبل صدقته، وحتّى يعرضه، فيقول الذي يعرضه عليه: لا أرب لي به، وحتّى يتطاول النّاس في البنيان، وحتّى يمرّ الرّجل بقبر الرّجل، فيقول: يا ليتني مكانه، وحتّى تطلع الشّمس من مغربها، فإذا طلعت، ورآها النّاس آمنوا أجمعون، فذلك حين " لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا "، الأنعام/158 "، رواه البخاري.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" من أشراط السّاعة الفُحش، والتَّقَحُش، وقطعية الرّحم، وتخوين الأمين، وائتمان الخائن "، رواه البزار، والطبراني، وأحمد. وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" من أشراط السّاعة أن يمرّ الرّجل في المسجد، لا يصلي فيه ركعتين، وأن لا يسلّم الرّجل إلا على من يعرف "، رواه الطبراني.
وقد قسّم أهل العلم هذه الأشراط إلى قسمين، هما: علامات السّاعة الصّغرى، وعلامات السّاعة الكبرى، وعلامات السّاعة الصّغرى يمكن تقسيمها إلى قسمين: قسم وقع، وقسم لم يقع بعد، والذي وقع فإنّه انقضى ومضى، وقد يكون ظهوره ليس مرّةً واحدةً، بل تظهر شيئاً فشيئاً، وقد يتكرّر حصوله، وقد يقع منه في اوقت الحالي أكثر ممّا وقع في السّابق. (3)