اكتشاف كنزا مصريا جديدا
دلتا جديدة بقنا بمساحة 18 ألف كيلومتر مربع توفر ١٥٠ ألف فدان
يواصل الدكتور فاروق الباز عشقه فى تقديم الكنوز العلمية التى غطت كل البقاع الحيوية فى مصر وتوجيه أنظار تلامذته من العقول البحثية المصرية الواعدة، والتى تقدم كل يوم حلا وأملا جديدا ليصبح البحث العلمى فى خدمة المجتمع، أحدث هذه الأبحاث يدور حول دلتا جديدة للنيل الخصب تعوم فوق بحر من المياه الجوفية تبدأ من ثنية قنا وتتجه شرقا حتى البحر الأحمر وتتجه شمالا لتضيف ظهيرا شرقيا جديدا لمحافظات قنا وسوهاج وأسيوط يضعها على خريطة التنمية الزراعية والصناعية والسياحية.
فبعد الدراسات العديدة خلال عام واحد التى رعاها العالم المصرى الكبير بالبحث والإشراف منها دراسة الدكتوراه التى أعدها الباحث مصطفى أبوبكر بجامعة الأزهر عن الكنز المدفون غرب جبل الحلال ويمر بمنطقة السر والقوارير بسيناء، إلى مجرى النيل القديم فى كنز سهل الجلابة غرب كوم إمبو التى أجراها الباحث الباحث احمد جابر فى جامعة بوسطن وهو المشروع المدعم بالخرائط والحقائق والأرقام والدراسات، وشاركت فيه جامعات بوسطن وتوهوكو فى اليابان. وجامعات أسوان، قناة السويس، وبور سعيد.،وهو المشروع الذى يضيف مليون فدان كدفعة أولى فى حصة مصر الزراعية جنوب ممر التنمية أو غرب قنا أو الواحات وجبال البحر الأحمر ،لذلك استغرب عالمنا الكبير حين قلت له مبروك عودة الروح لـ" مشروعك" ممر التنمية ووعد الرئيس عبد الفتاح السيسى ببدء تنفيذه خلال ١٨ شهرا، رفض الدكتور فاروق الباز صاحب دراسات المشروع نسبه اليه قائلا لى :أنه لم يعد مشروعى الآن، بل أصبح ملكا لمصر، كان مشروعى على مدى ٣٠ سنة حين كنت أتابعه كـ «أم موسى» وهو حبيس أدراج الحكومات المتعاقبة على مدى عشرين سنة وكان كل أملى أن أطمئن فقط أنه لم يحرق أو يتلف أو يموت بل «عايش» فى الدرج يحمل ختم «مش وقته» أو «مشروع خيالى» أو «وهمى»، وقال لى أحدهم مرة «أنت بتحلم يا دكتور»
..حين كانت تكاليفه بدء تنفيذه لا تتجاوز المليار جنيه، الآن صارت تكاليف محور واحد من المحاور العرضية ضعف هذا الرقم لكن العائد من البدء الفورى فى تنفيذه أضعاف تكاليفه عشرات المرات بعد أن جأر الوادى الضيق بالشكوى من الكثافة السكانية العالية وحجم قدرته على استيعاب ومواجهة التعديات، والأهم هو إعطاء الأمل للأجيال القادمة بالطاقات الكامنة فى قلب هذا البلد.
والكنز البحثى الجديد الذى يهديه العالم المصرى الكبير هذه المرة على الجانب الشرقى للنيل ولا علاقة له بممر التنمية، والذى حرص الدكتور فاروق الباز على تقديمه من خلال الأهرام هو الدكتور محمد عبد الكريم مدرس الجيولوجيا بجامعة جنوب الوادى الذى قام بالابحاث تحت اشراف الدكتور فاروق الباز فى مركز ابحاث الفضاء بجامعة بوسطن عن الإمكانات الواعدة فى تنمية وادى قنا القديم وطريق قنا سفاجا، والذى التفت الباحث إلى أهميته من تحقيق نشره الأهرام.
وأهمية الاكتشاف الجديد كما يقول الدكتور الباز أنه يتواكب مع توجيهات المهندس إبراهيم محلب خلال رئاسته اللجنة الوزارية الاقتصادية ،بسرعة باستكمال الدراسات الخاصة بطرح مشروع تنمية المثلث الذهبى بصعيد مصر (سفاجا/ القصير/ قنا)، الذى تبلغ مساحته 6000 كم مربع، ويسهم فى تنمية الصعيد من خلال إنشاء منطقة صناعية وزراعية وسياحية وتجارية، على أن يكون الجدول الزمنى للدراسات 9 أشهر بدلا من عام.من شباب الباحثين عن الأمل.كما أن الباحث محمد عبد الكريم ـ الذى سبق أن أعد بحثا عن مدى جدوى الاستفادة من مياه نهر الكونغو ـ توصل إلى أن منطقة وادى قنا تتميز بثروات طبيعية وفيرة مثل مصادر المياه الجوفية وتنوع التربة التى يمكن ان تستثمر زراعيا وكذلك خامات البناء من رمال وزلط وكذلك الخامات الطبيعية لصناعة الأسمنت، وتوافر الرمال البيضاء عالية النقاء كل هذه الثروات الطبيعية يجب ان تستغل مع الحد من المخاطر الطبيعية اثناء اقامة المجتمعات العمرانية الجديدة حتى يتم تحقيق نهضة تنموية شاملة.
وعن نقطة البداية التى ألقت الضوء على المنطقة وأنارت الطريق أمامه يقول الباحث الدكتور محمد عبد الكريم هو ما نشرته جريدة الاهرام بتاريخ 6 يوليو 2008 ان الحكومة بصدد انشاء "طريق الصعيد ـ البحر الأحمر، أحد أكبر المشروعات التنموية بتكلفة مليار و200 مليون جنيه. وعلى امتداد 240 كيلو مترا يربط هذا الطريق بين4 محافظات ويخترق صحراء مصر الشرقية ويساهم فى استصلاح 150 ألف فدان فى وادى قنا كمرحلة أولي, ويضع محافظات قنا وسوهاج وأسيوط والبحر الأحمر على خريطة سياحية أكثر إتساعا و يساعد على سرعة الوصول من والى المنطقة عبر محافظات وادى النيل والبحر الاحمر".
وبعد هذا الموضوع حرصت على دراسة امكانيات هذا المثلث الجديد مستفيدا من افتتاح الطريق الذى تم مؤخرا والذى جعل المنطقة اكثر قربا للمحافظات المجاورة. وهو ماعزز أهمية الدراسة فى تلك المنطقة "وادى قنا" التى يمر بها ذلك الطريق وهدفت الدراسة الى تطبـيــق بيانات وصور الاقمار الاصطناعية الحديثة للاستغلال الامثل للثروات الطبيعية بمنطقة وادى قـنا بالصحراء الشرقية بمصر مع تجنب المخاطر البيئية وذلك بتحديد انسب الاماكن للقيام بالنشاطات العمرانية والزراعية بالمنطقة لما لاستصلاح الأراضى الزراعية من أهمية قصوي. بالإضافة الى تحديد أهم المناطق لحفر آبار المياه الجوفية وأهم أماكن التربة الصالحة للزراعة، وذلك برسم خرائط استكشافية لأفضل المناطق لتواجد المياة الجوفية باستخدام النمذجة الهيدرولوجية. وتم اختيار منطقة وادى قنا لامتدادها الواسع حيث يغطى 18 الف كيلومتر مربع، ويمتد الوادى حوالى 220 كم من مدخله الرئيسى حيث تقع مدينة قنا إلى حدود مدينة رأس غارب على البحر الاحمر شرقا والمنيا غربا على نهر النيل حيث طريق الشيخ فضل- راس غارب، وتعتبر المنطقة من أهم المناطق الواعدة للاستثمار والاستصلاح الزراعى والزحف العمرانى لقربها من نهر النيل والمنشات العمرانيه وسهولة الوصول إليها من مدن البحر الاحمر وكذلك قنا وسوهاج وأسيوط من ناحية وادى النيل.
ويضيف الدكتور محمد عبدالكريم: أن الأبحاث والدراسات وصور الأقمار الصناعية التى توصلت إليها أظهرت أن نهر قنا القديم كان يتجه إلى الشمال شرق جبل أبوحد متوافقا مع الميل العام لمصر (وكان ذلك قبل تكوين نهر النيل بشكله الحالي) حتى يصب فى دلتا النيل القديمة، حيث ان هذا النهر كان يستقبل مياهه من جبال البحر الأحمر ناحية الجنوب، حيث يعتقد بأن معظم صحراء مصر الحالية كانت تتبع النطاق المطير مثلما يحدث الآن فى وسط القارة الافريقية. ساعد ذلك على تكوين رواسب نهرية وتخزين مياه جوفية، نتيجة سريان المياه السطحية فى تلك المناطق خلال الأزمنة القديمة.
وتعتبر تلك الرواسب النهرية القديمه صالحة للعديد من الزراعات الاستراتيجية والاقتصادية كما هى الحال فى منطقة جنوب وادى قنا ومنطقة وادى المتولا الذى يشمل العديد من المصانع الهامة بمدينة قفط الصناعية وأيضا منطقة اللقيطة شرق مدينة قفط. وتعتبر المنطقتان (وادى قنا ووادى المتولا) من أهم المناطق المطلوب استغلال مواردها الطبيعية ، كما هى الحال فى منطقة كوم إمبو. كما أن الأراضى الصالحة للزراعة تشكل ما لايقل عن 200 ألف فدان وبخاصة مدخل وادى قنا وكذلك وادى المتولا.
وعن مصدر الرى فى هذه المنطقة يعلق الدكتور محمد عبدالكريم:
بالاضافة إلى المعلومات الجيولوجية المهمة التى توصلنا اليها من تطبيقات صور الأقمار الصناعية فان الدراسة الحالية اهتمت بالبحث عن المياه الجوفيه و رسم خرائط التربة باستخدام التقنيات الحديثة وتم رسم خرائط لاحتمالية تواجد أفضل الأماكن لتراكم المياه الجوفية. ولجعل تلك الخريطة ذات أهمية قمنا بالعديد من الرحلات الحقلية لاخذ العينات والتعرف على أعماق الآبار المنتجة ودراسة ملوحة المياه. من خلال توقيع الأبار المنتجة على الخريطة وذلك بمطابقتها بالأماكن المحتملة لتواجد المياه الجوفية تبين أن العديد من الاّبار المنتجة والمزارع فى جنوب وادى قنا متفقة مع الخريطة الاستكشافية التى وضعها الباحث.
وأسأل.. وماذا تقترح على الحكومة التى وجهت اهتمامها لاستثمار المنطقة من خلال المشاهدات الحقلية؟
تأتينى إجابته: إن تحاليل المياه الحقلية الحالية تناسب زراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والقطن والبنجر والشعير، وبعض الخضراوات مثل الطماطم والخس والبصل والجزر والكرنب واشجار الزيتون والنخيل وانواع البرسيم البلدى والحجازى حيث ثبت نجاح تلك المحاصيل فى تلك المناطق الصحراوية و ان درجة ملوحة تلك المياه مقبولة لزراعة تلك المحاصيل. ومع استحداث انماط جديدة من سلالات بمواصفات قياسية يمكن زيادة رقعة الخريطة النباتية، كما ان استخدام الرى بالتنقيط يسهم فى الاستغلال الامثل للمياه الجوفية. وتوجد تلك المياه فى الخزان النوبى القديم والخزان السطحى حيث توجد العديد من الابار فى مناطق ضحلة كما أوضحت الدراسة الحقلية انها تتراوح من 4 الى 50 مترا مع ان نسبة تواجد المياه الضحلة تكون متوافرة بكثرة فى منطقة اللقيطة التى تشبه الى حد كبير منطقة كوم امبو التى سبق الحديث عنها فى جريدة الاهرام.
كما اوضحت الدراسة انه لابد من توافر السدود الوقائية وتوفير مجار لاحتمالية هطول السيول فى تلك المنطقة للتاكد من التنمية المستدامه وحماية مدينة قنا الجديدة من تبعات كوارث السيول، حيث لايستبعد تكرار السيول المفاجئة مستقبلا.
..وما هى مبررات وجدوى تنفيذ مشروع تنموى باهظ التكاليف فى تلك المناطق؟
أن الحكومة المصرية انفقت ما لا يقل عن مليار ومائتى الف جنيه مصرى بغرض اقامة طريق يربط الوادى بمحافظات البحر الاحمر – قنا - سوهاج - اسيوط والاقصر تمهيدا لتنمية وادى قنا، وتوقف الاستثمار بالوادى نتيجة الظروف السياسية فى السنوات السابقة على ثورة ٣٠ يونيو، وبعد الثورة بدأت القيادة السياسية دراسات جدية متسارعة لتنفيذ الوعد الرئاسى بتنمية حقيقية تشعر بها الفئات المهمشه بجنوب الصعيد تبدأ بطرح مشروع تنمية المثلث الذهبى بصعيد مصر (سفاجا/ القصير/ قنا)، الذى تبلغ مساحته 6000 كم مربع.
حاجة الدولة الى ايجاد مصادر للمياه واستزراع المحاصيل الزراعية لزيادة الرقعة الزراعية والاكتفاء الذاتي.، وحاجتها أيضآ لإيجاد بدائل لزيادة المناطق العمرانية، ولايتم ذلك الا من خلال الانشطة التنموية بالزحف شرق وغرب مجرى النيل.
كما أن وجود مؤسسة بحثية وهى جامعة جنوب الوادى فى مصب هذا الوادى الذى يعاد اكتشافه ـ بعد آلاف السنين ـ مما يسهل انجاز المشروع والاستفادة من كوادر تلك المؤسسة فى المجالات الزراعية والتنموية وفرة الموارد الطبيعية فى تلك المناطق.
. ويبقى أن نتائج هذه الأبحاث التى يضعها علماء مصر أمام أجهزة الدولة تحتاج وعيا وبصيرة واستشرافا وإرادة حتى تأخذ طريقها إلى ساحات التنفيذ بشكل جيد يعود بنتائج مفيدة على الوطن والمواطن تجنبا لأن تلقى مصير مشروعات قومية أخرى حلقت بآمال الشعب عاليا ولم تخلف سوى اليأس والإحباط لأنها لم تتبع الطريق العلمى القويم فكانت النتائج دون مستوى الطموحات والآمال!
دلتا جديدة بقنا بمساحة 18 ألف كيلومتر مربع توفر ١٥٠ ألف فدان
يواصل الدكتور فاروق الباز عشقه فى تقديم الكنوز العلمية التى غطت كل البقاع الحيوية فى مصر وتوجيه أنظار تلامذته من العقول البحثية المصرية الواعدة، والتى تقدم كل يوم حلا وأملا جديدا ليصبح البحث العلمى فى خدمة المجتمع، أحدث هذه الأبحاث يدور حول دلتا جديدة للنيل الخصب تعوم فوق بحر من المياه الجوفية تبدأ من ثنية قنا وتتجه شرقا حتى البحر الأحمر وتتجه شمالا لتضيف ظهيرا شرقيا جديدا لمحافظات قنا وسوهاج وأسيوط يضعها على خريطة التنمية الزراعية والصناعية والسياحية.
فبعد الدراسات العديدة خلال عام واحد التى رعاها العالم المصرى الكبير بالبحث والإشراف منها دراسة الدكتوراه التى أعدها الباحث مصطفى أبوبكر بجامعة الأزهر عن الكنز المدفون غرب جبل الحلال ويمر بمنطقة السر والقوارير بسيناء، إلى مجرى النيل القديم فى كنز سهل الجلابة غرب كوم إمبو التى أجراها الباحث الباحث احمد جابر فى جامعة بوسطن وهو المشروع المدعم بالخرائط والحقائق والأرقام والدراسات، وشاركت فيه جامعات بوسطن وتوهوكو فى اليابان. وجامعات أسوان، قناة السويس، وبور سعيد.،وهو المشروع الذى يضيف مليون فدان كدفعة أولى فى حصة مصر الزراعية جنوب ممر التنمية أو غرب قنا أو الواحات وجبال البحر الأحمر ،لذلك استغرب عالمنا الكبير حين قلت له مبروك عودة الروح لـ" مشروعك" ممر التنمية ووعد الرئيس عبد الفتاح السيسى ببدء تنفيذه خلال ١٨ شهرا، رفض الدكتور فاروق الباز صاحب دراسات المشروع نسبه اليه قائلا لى :أنه لم يعد مشروعى الآن، بل أصبح ملكا لمصر، كان مشروعى على مدى ٣٠ سنة حين كنت أتابعه كـ «أم موسى» وهو حبيس أدراج الحكومات المتعاقبة على مدى عشرين سنة وكان كل أملى أن أطمئن فقط أنه لم يحرق أو يتلف أو يموت بل «عايش» فى الدرج يحمل ختم «مش وقته» أو «مشروع خيالى» أو «وهمى»، وقال لى أحدهم مرة «أنت بتحلم يا دكتور»
..حين كانت تكاليفه بدء تنفيذه لا تتجاوز المليار جنيه، الآن صارت تكاليف محور واحد من المحاور العرضية ضعف هذا الرقم لكن العائد من البدء الفورى فى تنفيذه أضعاف تكاليفه عشرات المرات بعد أن جأر الوادى الضيق بالشكوى من الكثافة السكانية العالية وحجم قدرته على استيعاب ومواجهة التعديات، والأهم هو إعطاء الأمل للأجيال القادمة بالطاقات الكامنة فى قلب هذا البلد.
والكنز البحثى الجديد الذى يهديه العالم المصرى الكبير هذه المرة على الجانب الشرقى للنيل ولا علاقة له بممر التنمية، والذى حرص الدكتور فاروق الباز على تقديمه من خلال الأهرام هو الدكتور محمد عبد الكريم مدرس الجيولوجيا بجامعة جنوب الوادى الذى قام بالابحاث تحت اشراف الدكتور فاروق الباز فى مركز ابحاث الفضاء بجامعة بوسطن عن الإمكانات الواعدة فى تنمية وادى قنا القديم وطريق قنا سفاجا، والذى التفت الباحث إلى أهميته من تحقيق نشره الأهرام.
وأهمية الاكتشاف الجديد كما يقول الدكتور الباز أنه يتواكب مع توجيهات المهندس إبراهيم محلب خلال رئاسته اللجنة الوزارية الاقتصادية ،بسرعة باستكمال الدراسات الخاصة بطرح مشروع تنمية المثلث الذهبى بصعيد مصر (سفاجا/ القصير/ قنا)، الذى تبلغ مساحته 6000 كم مربع، ويسهم فى تنمية الصعيد من خلال إنشاء منطقة صناعية وزراعية وسياحية وتجارية، على أن يكون الجدول الزمنى للدراسات 9 أشهر بدلا من عام.من شباب الباحثين عن الأمل.كما أن الباحث محمد عبد الكريم ـ الذى سبق أن أعد بحثا عن مدى جدوى الاستفادة من مياه نهر الكونغو ـ توصل إلى أن منطقة وادى قنا تتميز بثروات طبيعية وفيرة مثل مصادر المياه الجوفية وتنوع التربة التى يمكن ان تستثمر زراعيا وكذلك خامات البناء من رمال وزلط وكذلك الخامات الطبيعية لصناعة الأسمنت، وتوافر الرمال البيضاء عالية النقاء كل هذه الثروات الطبيعية يجب ان تستغل مع الحد من المخاطر الطبيعية اثناء اقامة المجتمعات العمرانية الجديدة حتى يتم تحقيق نهضة تنموية شاملة.
وعن نقطة البداية التى ألقت الضوء على المنطقة وأنارت الطريق أمامه يقول الباحث الدكتور محمد عبد الكريم هو ما نشرته جريدة الاهرام بتاريخ 6 يوليو 2008 ان الحكومة بصدد انشاء "طريق الصعيد ـ البحر الأحمر، أحد أكبر المشروعات التنموية بتكلفة مليار و200 مليون جنيه. وعلى امتداد 240 كيلو مترا يربط هذا الطريق بين4 محافظات ويخترق صحراء مصر الشرقية ويساهم فى استصلاح 150 ألف فدان فى وادى قنا كمرحلة أولي, ويضع محافظات قنا وسوهاج وأسيوط والبحر الأحمر على خريطة سياحية أكثر إتساعا و يساعد على سرعة الوصول من والى المنطقة عبر محافظات وادى النيل والبحر الاحمر".
وبعد هذا الموضوع حرصت على دراسة امكانيات هذا المثلث الجديد مستفيدا من افتتاح الطريق الذى تم مؤخرا والذى جعل المنطقة اكثر قربا للمحافظات المجاورة. وهو ماعزز أهمية الدراسة فى تلك المنطقة "وادى قنا" التى يمر بها ذلك الطريق وهدفت الدراسة الى تطبـيــق بيانات وصور الاقمار الاصطناعية الحديثة للاستغلال الامثل للثروات الطبيعية بمنطقة وادى قـنا بالصحراء الشرقية بمصر مع تجنب المخاطر البيئية وذلك بتحديد انسب الاماكن للقيام بالنشاطات العمرانية والزراعية بالمنطقة لما لاستصلاح الأراضى الزراعية من أهمية قصوي. بالإضافة الى تحديد أهم المناطق لحفر آبار المياه الجوفية وأهم أماكن التربة الصالحة للزراعة، وذلك برسم خرائط استكشافية لأفضل المناطق لتواجد المياة الجوفية باستخدام النمذجة الهيدرولوجية. وتم اختيار منطقة وادى قنا لامتدادها الواسع حيث يغطى 18 الف كيلومتر مربع، ويمتد الوادى حوالى 220 كم من مدخله الرئيسى حيث تقع مدينة قنا إلى حدود مدينة رأس غارب على البحر الاحمر شرقا والمنيا غربا على نهر النيل حيث طريق الشيخ فضل- راس غارب، وتعتبر المنطقة من أهم المناطق الواعدة للاستثمار والاستصلاح الزراعى والزحف العمرانى لقربها من نهر النيل والمنشات العمرانيه وسهولة الوصول إليها من مدن البحر الاحمر وكذلك قنا وسوهاج وأسيوط من ناحية وادى النيل.
ويضيف الدكتور محمد عبدالكريم: أن الأبحاث والدراسات وصور الأقمار الصناعية التى توصلت إليها أظهرت أن نهر قنا القديم كان يتجه إلى الشمال شرق جبل أبوحد متوافقا مع الميل العام لمصر (وكان ذلك قبل تكوين نهر النيل بشكله الحالي) حتى يصب فى دلتا النيل القديمة، حيث ان هذا النهر كان يستقبل مياهه من جبال البحر الأحمر ناحية الجنوب، حيث يعتقد بأن معظم صحراء مصر الحالية كانت تتبع النطاق المطير مثلما يحدث الآن فى وسط القارة الافريقية. ساعد ذلك على تكوين رواسب نهرية وتخزين مياه جوفية، نتيجة سريان المياه السطحية فى تلك المناطق خلال الأزمنة القديمة.
وتعتبر تلك الرواسب النهرية القديمه صالحة للعديد من الزراعات الاستراتيجية والاقتصادية كما هى الحال فى منطقة جنوب وادى قنا ومنطقة وادى المتولا الذى يشمل العديد من المصانع الهامة بمدينة قفط الصناعية وأيضا منطقة اللقيطة شرق مدينة قفط. وتعتبر المنطقتان (وادى قنا ووادى المتولا) من أهم المناطق المطلوب استغلال مواردها الطبيعية ، كما هى الحال فى منطقة كوم إمبو. كما أن الأراضى الصالحة للزراعة تشكل ما لايقل عن 200 ألف فدان وبخاصة مدخل وادى قنا وكذلك وادى المتولا.
وعن مصدر الرى فى هذه المنطقة يعلق الدكتور محمد عبدالكريم:
بالاضافة إلى المعلومات الجيولوجية المهمة التى توصلنا اليها من تطبيقات صور الأقمار الصناعية فان الدراسة الحالية اهتمت بالبحث عن المياه الجوفيه و رسم خرائط التربة باستخدام التقنيات الحديثة وتم رسم خرائط لاحتمالية تواجد أفضل الأماكن لتراكم المياه الجوفية. ولجعل تلك الخريطة ذات أهمية قمنا بالعديد من الرحلات الحقلية لاخذ العينات والتعرف على أعماق الآبار المنتجة ودراسة ملوحة المياه. من خلال توقيع الأبار المنتجة على الخريطة وذلك بمطابقتها بالأماكن المحتملة لتواجد المياه الجوفية تبين أن العديد من الاّبار المنتجة والمزارع فى جنوب وادى قنا متفقة مع الخريطة الاستكشافية التى وضعها الباحث.
وأسأل.. وماذا تقترح على الحكومة التى وجهت اهتمامها لاستثمار المنطقة من خلال المشاهدات الحقلية؟
تأتينى إجابته: إن تحاليل المياه الحقلية الحالية تناسب زراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والقطن والبنجر والشعير، وبعض الخضراوات مثل الطماطم والخس والبصل والجزر والكرنب واشجار الزيتون والنخيل وانواع البرسيم البلدى والحجازى حيث ثبت نجاح تلك المحاصيل فى تلك المناطق الصحراوية و ان درجة ملوحة تلك المياه مقبولة لزراعة تلك المحاصيل. ومع استحداث انماط جديدة من سلالات بمواصفات قياسية يمكن زيادة رقعة الخريطة النباتية، كما ان استخدام الرى بالتنقيط يسهم فى الاستغلال الامثل للمياه الجوفية. وتوجد تلك المياه فى الخزان النوبى القديم والخزان السطحى حيث توجد العديد من الابار فى مناطق ضحلة كما أوضحت الدراسة الحقلية انها تتراوح من 4 الى 50 مترا مع ان نسبة تواجد المياه الضحلة تكون متوافرة بكثرة فى منطقة اللقيطة التى تشبه الى حد كبير منطقة كوم امبو التى سبق الحديث عنها فى جريدة الاهرام.
كما اوضحت الدراسة انه لابد من توافر السدود الوقائية وتوفير مجار لاحتمالية هطول السيول فى تلك المنطقة للتاكد من التنمية المستدامه وحماية مدينة قنا الجديدة من تبعات كوارث السيول، حيث لايستبعد تكرار السيول المفاجئة مستقبلا.
..وما هى مبررات وجدوى تنفيذ مشروع تنموى باهظ التكاليف فى تلك المناطق؟
أن الحكومة المصرية انفقت ما لا يقل عن مليار ومائتى الف جنيه مصرى بغرض اقامة طريق يربط الوادى بمحافظات البحر الاحمر – قنا - سوهاج - اسيوط والاقصر تمهيدا لتنمية وادى قنا، وتوقف الاستثمار بالوادى نتيجة الظروف السياسية فى السنوات السابقة على ثورة ٣٠ يونيو، وبعد الثورة بدأت القيادة السياسية دراسات جدية متسارعة لتنفيذ الوعد الرئاسى بتنمية حقيقية تشعر بها الفئات المهمشه بجنوب الصعيد تبدأ بطرح مشروع تنمية المثلث الذهبى بصعيد مصر (سفاجا/ القصير/ قنا)، الذى تبلغ مساحته 6000 كم مربع.
حاجة الدولة الى ايجاد مصادر للمياه واستزراع المحاصيل الزراعية لزيادة الرقعة الزراعية والاكتفاء الذاتي.، وحاجتها أيضآ لإيجاد بدائل لزيادة المناطق العمرانية، ولايتم ذلك الا من خلال الانشطة التنموية بالزحف شرق وغرب مجرى النيل.
كما أن وجود مؤسسة بحثية وهى جامعة جنوب الوادى فى مصب هذا الوادى الذى يعاد اكتشافه ـ بعد آلاف السنين ـ مما يسهل انجاز المشروع والاستفادة من كوادر تلك المؤسسة فى المجالات الزراعية والتنموية وفرة الموارد الطبيعية فى تلك المناطق.
. ويبقى أن نتائج هذه الأبحاث التى يضعها علماء مصر أمام أجهزة الدولة تحتاج وعيا وبصيرة واستشرافا وإرادة حتى تأخذ طريقها إلى ساحات التنفيذ بشكل جيد يعود بنتائج مفيدة على الوطن والمواطن تجنبا لأن تلقى مصير مشروعات قومية أخرى حلقت بآمال الشعب عاليا ولم تخلف سوى اليأس والإحباط لأنها لم تتبع الطريق العلمى القويم فكانت النتائج دون مستوى الطموحات والآمال!