في محيط معبر كرم أبو سالم، الواقع على نقطة الالتقاء بين الحدود الإسرائيلية والفلسطينية والمصرية، يمكن رؤية أعمدة الدّخان المتصاعد وسماع دوي الانفجارات الناجمة عن الغارات المصرية واستمرار القتال العنيف بين الجيش المصري وتنظيم داعش في سيناء، وهو مشهد ينظر إليه الإسرائيليون بعين القلق وخشية يعود مردّها لأمرين.
الأول هو القدرة القتالية المحترفة التي أظهرها مقاتلو "داعش" من خلال استهداف عدة مواقع للجيش المصري في توقيت واحد الأربعاء الماضي. وفلتت هذه الهجمات من الرادار المصري كما الإسرائيلي، وشكّلت مفاجئة حجما ونوعا.
أما الثاني، فهو انفجار الوضع على جبهة سيناء، بفعل الضغط العسكري المصري على "داعش"، ليس باستهداف صاروخي محدود كما حدث يوم الجمعة الماضي، وإنما من خلال هجمات نوعية مفاجئة على أهداف عسكرية ومدنية في المنطقة الحدودية.
ومن هنا قامت إسرائيل بإغلاق شارع رقم 12 المحاذي للحدود المصرية، خشية من قيام عناصر "داعش" باستهداف دوريات عسكرية بصواريخ "الكورنيت" الموجهة عن بعد. يذكر أنه سبق أن تم شن هجمات عبر الحدود في تلك المنطقة عام 2012، أدت إلى مقتل 6 إسرائيليين في هجمات شنّها تنظيم "أنصار بيت المقدس" الذي أعلن أخيراً ولاءه لـ"داعش".
كما يتخوف الإسرائيليون من استخدام التنظيم المتشدد مجنزرات مصرية لاقتحام الحدود كما حصل عام 2011.
"داعش" يطلق صواريخ.. وإسرائيل لا تردّ!
لم يكن الصاروخان اللذان سقطا في جنوب إسرائيل المرة الأولى التي يتم فيها استهداف إسرائيل من قبل تنظيم "داعش"، فجلّ الصواريخ التي تطلق على جنوب إسرائيل في الأشهر الأخيرة من قطاع غزة يطلقها "داعش - فرع غزة" إن جاز التعبير. وقوبلت هذه الصواريخ، عادةً، بغارات إسرائيلية محدودة ضدّ مواقع لـ"حماس" بحكم أنها عنوان الحكم والسيطرة في القطاع الفلسطيني، خلافا للصواريخ التي أطلقت من سيناء بما فيها، صاروخا "داعش". وتتجنب إسرائيل الردّ علنا على الصواريخ القادمة من سيناء، منعا لإحراج المصريين من ناحية، وتفاديا للانجرار إلى الحرب الدائرة في سيناء من ناحية ثانية.
يشار إلى أن إسرائيل كانت نشرت منذ شهرين بطارية من منظومة "القبة الحديدية" في مدينة إيلات الجنوبية، إحدى أهم المدن السياحية الواقعة على البحر الأحمر.
وفي هذا السياق، يقول أمير بخبط المحلل العسكري الإسرائيلي، لـ"العربية.نت" إنه وعلى الرغم من القراءة الإسرائيلية "بأن استهداف إسرائيل لا يشكل أولوية لدى داعش في سيناء المنهمك في قتال الجيش المصري، فإن القلق المباشر هو من تكرار الهجمات على إسرائيل كلّما اشتدت الضربات المصرية للتنظيم، وذلك بهدف خلط الأوراق وحمل إسرائيل على التدخل. من هنا أجازت إسرائيل لمصر استخدام مقاتلاتF-16 في قصف مواقع داعش شمال سيناء على بعد مئات الأمتار من الحدود. كما تحرص إسرائيل على تنسيق يومي وتبادل للمعلومات مع مصر حول الواقع الميداني في المنطقة الحدودية. وعادة توافق تل أبيب على أي طلب مصري لإدخال قوات برية أو سلاح المدرعات إلى سيناء".
نتنياهو: "كلنا شركاء في الحرب على داعش"
ورداً على الهجمات في سيناء كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال: "إننا نتقدم بتعازينا لمصر التي تحارب الإرهاب الدّاعشي، الذي يشكل عدوا مشتركا لنا وللعالم. ونحن نتابع عن كثب التطورات الجارية هناك".
وأضاف نتنياهو: "إننا ندرك أهمية السياج الأمني الذي أقمناه على حدود سيناء والذي يصدّ أو يعرقل توغلات داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى بشكل كبير. ولهذا أقمنا سياجا مشابها على الحدود في الجولان لصد داعش وغيره وقد شرعنا في إقامة جدار أمني على حدودنا الشّرقية أيضاً".
وبين سطور ما قاله نتنياهو ترتسم معالم القلق الاستراتيجي الإسرائيلي من "داعش" والتنظيمات المتطرفة الأخرى على المدى المتوسط والبعيد، فأكثر ما تخشاه إسرائيل أن لا تبقى أجندة "داعش" مقتصرة على التمدد والسيطرة في سوريا والعراق وسيناء،
بل أن تمتد إلى جبهات أخرى من بينها الأردن حيث أطول حدود برية لإسرائيل مع دولة أخرى، الأمر الذي قد يضطرها إلى التدخل العسكري المباشر.
بل أن تمتد إلى جبهات أخرى من بينها الأردن حيث أطول حدود برية لإسرائيل مع دولة أخرى، الأمر الذي قد يضطرها إلى التدخل العسكري المباشر.