ثبوتُ فَضيلةٍ لِلَيلة النصف مِن شعبان؛ لا يَستلزم تخصيصَها بعِبادة

بسم الله الرحمٰن الرحيم
ثبوت وفضل صيام ليلة النصف مِن شعبان Sha3ban1

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ
فقد ورَد في ليلة النصف من شعبان أحاديثُ عديدة، ولٰكنّها بين الضعيف والموضوع، كما قرَّره المحقِّقون مِن العلماء، ومِن تلك الأحاديث:
1/ (إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلتها وصوموا يومها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا مستغفر فأغفر له؟ ألا مسترزق فأرزقه؟ ألا مبتلى فأعافيه؟ ألا سائل فأعطيه؟ ألا كذا ألا كذا؟ حتى يطلع الفجر)
2/ (إذا كان ليلة النصف من شعبان نادى مناد: هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فأعطيه؟ فلا يسأل أحد شيئًا إلا أعطي، إلا زانية بفرجها أو مشرك).
3/ (خمس ليال لا ترد فيهن الدعوة: أول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الجمعة، وليلة الفطر، وليلة النحر).
وهي في “ضعيف الجامع الصغير” (652 و 653 و2852)، وقال أبي رَحِمَهُ اللهُ في الأول والثالث: (موضوع)، وفي الآخَر: (ضعيف).
ويُنظَر “سلسلة الأحاديث الضعيفة” (2132 و 7000 و 1452).

ومعلومٌ أنّ مِن طُرُقِ المبتدعة: “اعتمادهم على الأحاديثِ الواهية الضعيفة والمكذوب فيها علىٰ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والتي لا يَقبلها أهلُ صناعةِ الحديث في البناء عليها” اﻫ مِن “الاعتصام” للعلامة الشاطبي (1/ 224).

وقد قال سائلٌ لأبي رَحِمَهُ اللهُ:
“عندي سؤالٌ بالنسبة للصوفيّة ودعائهم في ليلة النصف مِن شعبان، وقيامهم لِهٰذه الليلة، وصيامهم صبيحة ليلة النصف مِن شعبان؛ لا أعرف ما رأي فضيلتكم بالنسبة للجماعة هٰؤلاء؟
فأجاب رَحِمَهُ اللهُ:
“معروفٌ عند أهْلِ السُّنَّةِ حَقًّا أنّ قيامَ ليلةِ النصف مِن شعبان وصيامَ نهارِ نصف شعبان هما أَمران مُبتدَعان غير مشروعَين، وذٰلك لسببين اثنين:
السبب الأول: أنه لم يُنقَل عنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وعن أصحابه وبقيّةِ السلف الصالح أنهم كانوا يَهْتَمُّون بإحياءِ هٰذه الليلة، وبصيام نهارِها الذي يليها، هٰذا هو السبب الأول.
ونحن نعتقد جازِمِين غير مُرتابِين ولا مُتردِّدين أنّ:
كلّ خيرٍ في اتِّباعِ مَن سَلَفْ * وكلّ شَرٍّ في ابْتداعِ مَن خَلَفْ
ويترتب مِن وراءِ ذٰلك أنّ كلَّ عبادة حَدَثَتْ بعد هٰؤلاء السلف الصالح؛ فهي بدعةٌ، وقد أَطْلَقَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الضلالةَ علىٰ كلِّ بدعة، مهما كان شأنُها ومهما زَخْرَفَها وزيَّنها أصحابُها، والأمرُ كما قال رجلٌ مِن كبارِ أصحابِ الرسولِ عليه السّلام، ومِن أتْقاهم، ومِن عُلمائهم، ألا وهو عبدُ الله بنُ عمر بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الذي قال:
“كلُّ بدعةٍ ضلالةٌ وإنْ رآها الناسُ حَسَنةً”.
هٰذا الأثر الصحيح الثابت عن ابنِ عمر هو تفسيرٌ واضح جدُا مؤكِّدٌ لِعُموم قولِه عليه السلام: «كُلّ بِدْعَةٍ ضَلالة»، وهو يقول بلسانٍ عربيٍّ مُبين:
“كل بدعة ضلالة وإنْ رآها الناس حسنة”.
وإذ الأمر كذٰلك؛ فصيامُ نِصفِ شعبان، وقيامُ ليلةِ النصف؛ أَمْران مُحْدَثان، لم يَكونا في عهد السلف الصالح. هٰذا أولاً.
ثانيًا: إنّ الذين يَسْتَحْسِنون الاعتناءَ بصيامِ يومِ النصف مِن شعبان وقيامِ ليلة النصف يَعتمدون علىٰ حديثٍ إسنادُه ضعيفٌ جدًا، وهو مما رواه ابنُ ماجه في “سننه”([1]) أنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال -وذٰلك مما لم يصح نسبته إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ–: (إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا)، ثم ذكر فضيلةً بالَغ فيها الراوي الذي زُيِّنَ له سُوءُ عَمَلِهِ أنْ يَنسبَ هٰذا الحديث إلىٰ نبيّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومِن ذٰلك أنه غُفِر له -يعني في ذٰلك اليوم- كذا وكذا مِنَ الذنوب والمعاصي، فهٰذا الحديث شديدُ الضعف، لا يجوز العملُ به، حتىٰ عند الذين يَظنُّون أنه يجوز العملُ بالحديثِ الضعيف في فضائل الأعمال؛ لانهم يَشترطون شروطًا، منها: أنْ لا يَشتدَّ ضَعفُه، وهٰذا الحديث ضَعفُه شديدٌ.
يُضاف إلىٰ ذٰلك بالنسبة لصيام يوم النصف: قولُه عليه السلام الثابت عندنا نِسْبَتُه إليه:
«إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا صَوْمَ حَتَّىٰ رَمَضَانَ»([2]).
ولا شك أنّ اليوم الخامس عشر هو يومُ النصف مِن شعبان، وبخاصة حينما يكون شعبان ناقصًا، حينما يكون تسعةً وعشرين يومًا، ويكون في هٰذه الحالة هو النصف بالتأكيد، فلا يجوز صيامُه.
إذًا؛ الذين يَهتمُّون بصيامِ يومِ النصفِ مِن شعبان أخطأوا مرَّتين، بل نستطيع أن نقول: ثلاث مرات، لٰكن إحدى الثلاث نقول: بتحفُّظ، أخطأوا مرتين:
1. لأنهم عملوا بالحديث الضعيف جدًا، كما شرحنا القولَ به آنفًا.
2. وإذا قالوا: نحن لسنا بحاجة إلىٰ هٰذا الحديث؛ جاءت المرةُ [الثانية] التي أشرتُ إليها وهي: أنهم ابتدعوا في دِين اللهِ ما لا أصلَ له.
3. والمرة الثالثة -وهي واضحة جدًا- أنهم خالفوا الحديثَ الصحيح الذي قاله عليه السلام -وأنا ذكرته لكم آنفًا-:
«إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا صَوْمَ حَتَّىٰ رَمَضَانَ».
فلا ينبغي الاهتمامُ بليلة النصف إطلاقًا؛ لأنه:
· لم يصحَّ في فضلها شيءٌ مُطلقًا.
· ولأنّ السلفَ الصالح لم يُنقَل عنهم هٰذا الاهتمام الذي نَسمعُه مِن هٰؤلاء الخَلَف .
أما النصف مِن شعبان فبالإضافة إلىٰ أنّ الحديثَ المذكور آنفًا لم يصحّ، فقد صَحَّ عكسُه وخلافُه وهو:
«إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا صَوْمَ حَتَّىٰ رَمَضَانَ».
ومِن العبرة بهٰذه المناسبة أنْ نجِدَ عامةَ الناسِ -مع الأسف الشديد- يهتمُّون ببعض العبادات التي لم تَصحَّ لا رِوايةً ولا درايةً ما لا يَهتمّون بالعبادات التي صحَّتْ عنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ولا خلاف بين علماء المسلمين في شرعيّتها، ويهتمُّون بما لا يجوز الاهتمامُ بِهِ ويُعرِضون عمّا ينبغي الاهتمامُ به وهٰذه ذِكرىٰ، والذِّكرىٰ تَنفَع المؤمنين إن شاء الله”. اﻫ مِن “سلسلة الهدىٰ والنور” (الشريط 186، الدقيقة 37:45(.

ولَمّا سئل رَحِمَهُ اللهُ:
بالنسبة للنصف مِن شعبان؛ هل له فضيلة؟
أجاب رَحِمَهُ اللهُ:
“له فضيلة واحدة، وهي أن الله عَزَّ وَجَلَّ يغفر لكل مسلم إلا لمشرك أو مشاحن.
السائل: يعني صحة الحديث…… مِن رواية الطبراني…
أبي: لا يهمُّك الطبراني أو الطبري، المهم أنّ الحديث صحيح” اﻫ مِن “سلسلة الهدىٰ والنور” (الشريط 564، الدقيقة 7:41).

والحديث الذي يَعنيه هو الوحيد الذي صحَّحه -رَحِمَهُ اللهُ- في فضْلِ هٰذه الليلة، ونصُّه([3]):
«إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ، إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ».
كما في “سلسلة الأحاديث الصحيحة” (1144) و (1563).
وقال رَحِمَهُ اللهُ:
“حديث صحيح، روي عن جماعةٍ مِن الصحابة مِن طُرق مختلفة يَشدُّ بعضُها بعضًا، وهم: معاذ بن جبل، وأبو ثعلبة الخشني، وعبد الله بن عمرو، وأبو موسى الأشعري، وأبو هريرة، وأبو بكر الصديق([4])، وعوف بن مالك، وعائشة”.

ثم قال بعد سَرْدِ الطُّرُق:
“وجملةُ القول أنّ الحديثَ بمجموع هٰذه الطُّرُق صحيحٌ بلا ريب، والصحةُ تَثبُتُ بأقلَّ منها عددًا ما دامت سالمةً مِن الضعف الشديد، كما هو الشأن في هٰذا الحديث، فما نقله الشيخ القاسمي رَحِمَهُ اللهُ تَعالىٰ في “إصلاح المساجد” (ص 107) عن أهل التعديل والتجريح أنه ليس في فضل ليلة النصف مِن شعبان حديثٌ صحيح؛ فليس مما ينبغي الاعتمادُ عليه، ولئن كان أحدٌ منهم أَطْلَق مِثْلَ هٰذا القول فإنما أُوتِي مِن قِبَلِ التسرُّعِ وعدم وسع الجهد لِتتبُّعِ الطُّرُق علىٰ هٰذا النحو الذي بين يديك. واللهُ تعالىٰ هو الموفِّق”. اﻫ مِن “سلسلة الأحاديث الصحيحة” (3/ 138 و139).

وخَتَم الموضعَ الثاني بقولِه:
“(المشرك): كلُّ مَن أَشْرَكَ معَ اللهِ شيئًا في ذاتِه تَعالَىٰ، أو في صفاته، أو في عبادته.
(المشاحِن) قال ابن الأثير: ‘‘المُشاحِنُ: المُعاَدِي، والشَّحْناء: العَداوة، والتَّشاحُن تفاعُلٌ منه. وقال الأوزاعي: أراد بالمُشاحِن ها هنا صاحبَ البِدْعة المُفارق لجَماعة الأُمة’’” اﻫ مِن “سلسلة الأحاديث الصحيحة” (4/ 87).

ولٰكن… هل يصحّ أن يُستنَدَ إلىٰ هٰذا في تخصيصِ ليلةِ النصف مِن شعبان بعبادة خاصّة؟

قال الوالد رَحِمَهُ اللهُ:
“إنّ العلماء اختلفوا في أحاديث فضلِ ليلة النصف، وإن الأكثرية علىٰ تفضيلِها، وهو الحقّ؛ لثُبوت بعض الأحاديث… على أنه لا يَلزم مِن ذٰلك -أعني مِن ثبوتِ فضلِها- أن يخصصها بصلاةٍ خاصة، بهيئة خاصة، لم يخصَّها الشارع الحكيم بها، بل ذٰلك كلُّه بدعةٌ يجب اجتنابُها، والتمسُّكُ بما كان عليه الصحابةُ والسلف الصالح رَحِمَهُمُ اللهُ، ورحم اللهُ مَن قال:
وكلُّ خيرٍ في اتِّباعِ مَن سَلَفْ *** وكُلُّ شَرٍّ في ابتداعِ من خَلَف”. ا ﻫ مِن تعليقات الوالد رَحِمَهُ اللهُ على “الصراط المستقيم رسالة فيما قرره الثقات الأثبات في ليلة النصف من شعبان” ص 9، بواسطة “قاموس البدع” ص 717.

وقال في تعليقِه علىٰ كلام العزّ بن عبد السلام إذ قال: “وأما ليلة النصف مِن شعبان فلها فضيلة*، وإحياؤها بالعبادة مستحب”:
*”يدلُّ علىٰ ذٰلك مجموعُ ما ورد في فضلها مِن الأحاديث، وإن كانت مفرداتها ضعيفة الأسانيد، فبعضها يقوّي بعضًا، ولٰكن ليس في الشرع ما يدلّ علىٰ خصوصِ إحيائها”. اﻫ كلامُ أبي رَحِمَهُ اللهُ مِن “مساجلة علمية” ص41.

ونلاحظ أنه -رَحِمَهُ اللهُ- في الفتوى الأولىٰ من “سلسلة الهدىٰ والنور” نفى الفضيلة، فقال:
“لم يصحَّ في فضلها شيءٌ مُطلقًا”، وقد كان سؤال السائل عما يفعله الصوفية في تلك الليلة.
وفي الفتوى الأخرىٰ قال:
“له فضيلة واحدة”. وكان سؤال السائل عن مطلق الفضيلة.
فنفىٰ وأَثبت.
ويتبيّن الفرقُ بما عَلّقه على “الصراط المستقيم” و”المساجلة”؛ فالفضيلة المثبَتة هي فضيلةُ الليلةِ مِن حيث هي، والفضيلةُ المنفيّةُ هي فضيلةُ تخصيصِ الليلةِ بعملٍ.

وقد سئل العلامةُ ربيع المدخلي حَفِظَهُ اللهُ تعالىٰ:
هل صحيح أن الشيخ الألباني صَحَّحَ بعضَ الرِّوايات والأحاديث الواردة في فضل ليلة النصف مِن شعبان؟
فأجاب: الذي أعرفه أنه صحح -الألباني وغيرُه- بعضَ الأحاديث التي وردتْ في ليلةِ النصف من شعبان، ولٰكن الألباني ما صَحَّح هٰذه لتكون حجةً لأهلِ البدع والأهواء، فلو ثَبَت فضلُ هذه الليلة؛ فلا تخصَّها بعِبادة.
فهٰذه ليلةُ الجمعة مِن أفضلِ الليالي، ومع هٰذا نهانا رسولُ اللهِ عن تخصيصِها بقيامٍ وعن تخصيصِ يومِ الجمعةِ نفْسِه بصيام، والحديثُ ثابت -كما تَعرفون- في “صحيح مسلم”([5]) وغيرِه:
«لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ».
فإذا ذَكَر رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلَ يومٍ أو ليلةٍ؛ فليس مَعنىٰ ذٰلك أنّنا نَخترع عباداتٍ لم يَشرعها رسولُ الله عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ؛ لأنّ التخصيصَ والتقييدَ بالأزمنةِ والأمكنةِ مِن حُقوقِ الرسولِ الكريم، لا مِن حُقوقِنا، وإنْ صَحَّ الحديثُ في فضلِ هٰذه الليلة؛ فلا يجوز.. لٰكن لا يجوز أن نأتيَ بهٰذه الأعمال التي يقوم بها كثيرٌ مِنَ الناسِ مِن صلاةِ الرغائبِ وغيرِها، ومِنَ المطاعِم والمشارِب، ومِن الصيام ومِن.. ومِن.. مِنَ البِدَع، وخيرُ الْهَدْيِ هَدْيُ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
نعم نصوم في شعبان، النبيُّ الكريمُ كان يصوم في شعبان، يصومه إلا قليلاً([6])، يدخل فيه النصف وغيره، فصُمْ مِن هٰذا الشهر، وإذا وافق ما تتعمّدُه وتخصُّه، إذا وافق صيامَه؛ فصُمْهُ، ولا تأتِ بالموالِد ولا تأتِ بصلاةِ الرَّغائب، ولا تأتِ بما يأتي به أهلُ البدع، والشيخُ الألبانيّ يَعرِف هٰذا، لٰكن لا يَسَعُه إلا أن يقولَ الحقَّ في درجةِ الحديثِ إذا ثَبَتَ له، لٰكن أظن –والله أعلم- أنه نَبَّهَ –يعني: حَذَّر- مِن هٰذه المخالَفات”. اﻫ مِن “مجموع كتب ورسائل وفتاوى فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي” (15/ 236 و237).

وبناء علىٰ ما سبق؛ فإنَّ هٰذا الحديثَ الوحيدَ الثابتَ في فضْل هٰذه الليلة؛ فيه:
الحضُّ علىٰ:
§ تجريدِ التوحيدِ مِنَ الشرك جَليّهِ وخَفِيّه.
§ والبُعدِ عنِ البدع.
§ والفيءِ عنِ العداوةِ بين المسلمين إلى الصلح.
والترهيبُ مِن ضِدِّ ذٰلك.
فيكون هٰذا نهجَ المسلمِ في حياته علىٰ مرّ الشهور والأيام، كلما بَلي مِن إيمانه ما بلي؛ جَدَّده، وكلّما تَعَثَّر؛ استدرك، دونَ تحديدِ موعدٍ لهٰذا، وما أدْرى الواحدَ منا أن يُتوفَّىٰ ليلةَ العاشر مِن شعبان؟! أو رجب؟! أو أو..

وختامًا:
قال الأوزاعيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالىٰ:
(اصبِرْ نفسَك على السُّنّة، وقِفْ حيث وَقَف القوم، وقُلْ بما قالوا، وكُفَّ عَمّا كَفُّوا عنه، واسْلُكْ سبيلَ سَلَفِكَ الصّالح، فإنّه يَسَعُكَ ما وَسِعَهُم).
“شرح أصول اعتقاد أهل السنة” للالكائي (1/ 154).
([1]) برقم (1388).
([2]) “سنن ابن ماجه” (1651)، بلفظ: «حَتَّىٰ يَجِيءَ رَمَضَانُ».
([3]) مع اختلافٍ في بعضِ الألفاظِ بين الروايات.
([4]) الأصل في المواضع الثلاثة الأخيرة: (أبي)، ولعل في الأصل المخطوط ما كان استدعى الجرَّ، والله أعلم.
([5]) برقم (1144).
([6]) لحديث عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: (كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا). “صحيح مسلم” (1156).

– سُكَينة بنت محمد ناصر الدين الألبانية في 7/17/2010