[rtl]"إقلاع حربي من مطار حماة العسكري".. حوّل.. "الرجاء أخذ الحيطة والحذر" حوّل.. "إسعاف يا إسعاف", "وين انت عاوزك ضروري؟" هذه العبارات وغيرها الكثير.. باتت مألوفة لدى أهالي ريف إدلب، وتصدر تلك العبارات عن قبضات اللاسلكي التي يستخدمها 90 بالمئة من الناس هناك، والتي أصبحت منتشرة بكثرة بعد انقطاع شبه تام لوسائل الاتصال في أغلب قرى وبلدات ريف إدلب منذ سنوات.. فكل منطقة تخرج عن سيطرة النظام يعمد الأخير لقطع وسائل الاتصال السلكي واللاسلكي عنها. ريف إدلب الذي عاش حريته مبكراً يستخدم أهله تلك القبضات كواحدة من أهم وسائل الاتصال المتاحة على الأرض، حتى أن القبضة أصبحت جزءاً أساسياً في حياة الناس.
في كل منزل إدلبي! يقول (محمود) الذي يعمل في شركة صغيرة لنقل البضائع أن: "75 بالمئة من تسيير أمور الشركة يتم عبر القبضة, حيث يتواصل مع السائقين, والزبائن من خلالها"، (محمود) الذي يرى أنها من الضروريات قال أيضاً: "القبضة ركن أساسي في العمل, فعندما تريد أن تتواصل مع السائق عبر الانترنت فإنه غالباً ما يكون في طريق سفر, وبالتالي لا يوجد انترنت متنقل هنا في ريف إدلب, والقبضة تحل محله, وهي غير مكلفة أساساً". ولا يقتصر الأمر فقط على استعمالها لقضاء أعمال النهار, إنما تحتاجها السيدة في منزلها, تقول أم أيمن:"ترك زوجي قبضة لاسلكي في البيت لكي نتواصل معه من أجل أي طارئ يحصل, فوجدت فيها ضرورة بالغة, فأحياناً يذهب ولدي للسوق لشراء حاجيات المطبخ, وأكون قد نسيت بعض الحاجيات, وهو في الطريق أتواصل معه عن طريقها, حتى لا يعود مرات عدة إلى السوق". وتضيف أم أيمن ضاحكة:"عزائم القهوة مع الجارات أصبحت عن طريق القبضة". ويرى فيها البعض أنها هاتف متنقل ضمن المدينة, فهي شبيهة بالجوال, والقليل من الناس لا يستخدمها, يقول ممدوح:"أول عمل أقوم به أتفقد القبضة, بحيث أتركها مشحونة بالكهرباء دائماً, إذ أنه لا يمكن الاستغناء عنها أبداً, كل أعمال الناس تتم عن طريقها, خاصة في الأمور المستعجلة, كطلب سيارة أجرة, أو البحث عن شخص لأمر هام, وحتى التواصل مع القرى المجاورة.
مراصد أهلية لحماية المدنيين! دفعت عمليات القصف التي يقوم بها طيران النظام ضد مناطقَ سكنية خارجةٍ عن سيطرته, الأهالي إلى إنشاء مراصد لمراقبة حركة الطائرات, بحيث تكون تلك المراصد في أماكن النظام عن تحديد إحداثياتها ويقوم مجموعة من أهالي المنطقة بمراقبة حركة سلاح الجو، واختراق ترددات المراصد الجوية في مطارات النظام للتنبؤ بأهداف الغارات، ليتبعه مباشرة تعميم الخبر على العسكريين والمدنيين في موقع الهدف للقيام بالتدابير اللازمة. يقول وحيد الحسني مدير أحد المراصد أن راديو ديجيتال من النوع الرخيص، يحوي شاشة صغيرة تظهر التردد، وهنالك أكثر من طريقة لتعديل الراديو الذي يكون نمط استقبال إف إم طول الموجة الأعظمي الذي يستقبله 108 ميغا هرتز, ليصبح قادراً على استقبال الأمواج حتى 140 أو 150 ميغا هرتز بما يشمل موجات الطيران vhf بنظام اتساعي Am بين 118-136 ميغاهيرتز، وبهذا يمكن بتغيير التردد بعد 108 ميغا هرتز التقاط تردد برج المطار. وعن المسافات التي يستطيع المرصد اختراق قبضات المطارات الخاصة بالنظام يقول وحيد:" إذا كان المطار على بعد 50 كم أو أقل يكون وضوح الصوت المرسل من البرج إلى الطيار 10/10 القبضة اللاسلكية وهي أحد الأجهزة التي يتم من خلالها التنصت على المعلومات والتعليمات المتبادلة بين الطيار ومرصد المطار، وذلك إما بالحصول على تسريبات للترددات التي تستخدمها مطارات النظام، أو باستخدام خاصة البحث اليدوي عن الترددات الجديدة والموجودة في القبضات الحديثة فقط، علماً أن هذه الطريقة تتطلب جهداً ووقتاً أطول".
إعلام الناس عن وقت إقلاع الطائرات! يقول (مهدي) الذي يعمل في إحدى المراصد:"عندما تُقلع طائرة من مطار حماة العسكري باتجاه منطقة ما فإننا نقوم بالطلب من المدنيين النزول إلى الأقبية والملاجئ وأخذ الاحتياطات اللازمة، كما نقوم بتوجيه الدفاع المدني للمناطق التي تتعرض للقصف، ونبلغهم بالتوجه إليها للإسعاف وإزالة الأنقاض، ونوجه رجال الإطفاء إلى مناطق اشتعال الحرائق". ويرى (عبدالحميد) في القبضة أمراً هاماً وأنه لا يستغني عنها، يقول: "لا تدخل بيتاً في ريف إدلب إلا وترى الناس تحمل قبضات وينادون على بعضهم البعض عن طريقها، وفي حال وجود غارات نستمع لتعميمات المرصد ونقوم بأخذ الاحتياطات والنزول إلى الأقبية والملاجئ, وتستخدم أيضا للبحث عن مفقودين، والإعلان عن وصول مواد إغاثية وأماكن توزيعها".
شبكة ربط في المعارك (أبو محمد) مسؤول الإشارة في إحدى الفصائل المقاتلة قال أنه يعمل على الربط بين العناصر عن طريق القبضات، ويقوم بالتحضير للمعركة بتجهيز عدة الترددات للتواصل، وفي حال تمكن النظام من اختراق أحدها، يتم التحول إلى تردد آخر، وذلك لتحقيق الربط بين العناصر والقيادة. وقال أبو محمد أن هذه الوسيلة هي الوحيدة المتوافرة في ظل انقطاع خدمات الاتصالات... وهي حاجة لا بد منها في جبهات القتال, حيث يتم من خلالها طلب الإسعاف لنقل المصابين في المعارك, وإسعافهم إلى مشاف ميدانية, حسب ما أخبرنا أحد المقاتلين. وأثناء المعركة أيضاً تقوم بإعلام المقاتلين في حال وجود غارات من قبل النظام، حيث تبلغهم بمكان القصف كما تقوم بإبلاغ غرفة العمليات أو المراصد في حال تم تحرير النقطة التي يعمل المقاتلون على تحريرها، وكذلك تبلغ القبضة غرفة العلميات في حال نقص الذخيرة عن طريق القبضات لتدارك الأمر.
محلات للبيع والصيانة! ونظراً لكونها حاجة ماسة مع استمرار انقطاع الإتصالات, واقتناع البعض بأهمية القبضة, افتُتحت في أغلب قرى وبلدات الريف في إدلب محال لبيع القضبات, وأخرى لصيانتها, حيث يتراوح سعر القبضة بين 50 إلى 150 دولار أمريكي, إضافة لقاعدة الشحن الخاصة بكل قبضة, وتختلف أنواع القبضات, فهنالك قبضة ذات شاشة وتحتوي على راديو تنقل الأخبار, وهنالك قبضة فقط للتواصل. يقول مدين: "اتبعت دورة في صيانة القبضات, كوني أعمل في صيانة الجوالات, وطريقة الصيانة قريبة جداً من عملي السابق, إقبال الناس على صيانة القبضة كبير, ومحل الصيانة مصدر دخل حقيقي لعائلتي.
وزير الإتصالات في الحكومة المؤقتة: جزء من سيادة الدولة! وزير الاتصالات والنقل والصناعة في الحكومة المؤقتة، (محمد ياسين نجار) أوضح أن الاتصالات عبر القبضات "غير آمنة خاصة للقوى للعسكرية.. كما أنها تحتاج إلى خدمة بشكل دائم، إذ لا يمكن أن تكون فوضوية كما هي عليه الآن، لأنها جزء من سيادة الدولة"، مضيفًا عندما تستقر الأمور أكثر، ويصبح أداء الحكومة على الصعيد الوطني داخلياً يمكن استخدام هذه القبضات وحصر الترددات بفئات واختصاصات محددة, وقال أن وضع الاتصالات أصبح أكثر وضوحًا، خاصة بعد تحرير مدينة إدلب، مشيرًا إلى أنه أصبح هناك منطقة متصلة في الشمال السوري، الأمر الذي يسهل التعامل معها كقطاع اتصالات، وقد رسمت الوزارة حاليًا استراتيجية للتعامل مع المناطق المحررة على كافة الأصعدة سواء فيما يخص الاتصالات الأرضية أو الخلوية أو الإنترنت, ونوه الوزير نجار إلى أن ملفات المشاريع في الوزارة جاهزة بانتظار التمويل، كما أنها من الممكن أن تتحول إلى قطاع منتج، من خلال استيعاب الكفاءات البشرية الثورية التي يمكن أن تقوم بدور إيجابي في المرحلة القادمة.[/rtl]