محمد حمدى
محاكمة قتلة الشهداء
الأربعاء، 27 يوليو 2011 - 21:01
var addthis_pub="tonyawad";
على رأس مطالب جمعة الغضب الثانية، أوالموجة الثانية من الثورة، كما يطلقون عليها، سرعة محكمة قتلة الشهداء، ومن أفسدوا الحياة السياسية، وأنا أضيف إليها محاكمة كل المفسدين، سواء كان فسادهم سياسيا، أو اقتصاديا، لأنه فى كل الأحوال لا يجب السكوت على أى جريمة، ولا يجب أن يفلت مجرم بجرمه.
لكن من يتأمل هذه المطالب جيدا لا يجد أنها تستحق لا جمعة غضب ثانية، ولا موجة ثانية من الثورة، ولا حتى كل ما كتب عن هذا الموضوع، ولا الجدل الذى دار حوله على الفضائيات متنوعة الألوان والأغراض والأهواء.
وحسب معلوماتى المتواضعة، فإن هناك محاكم بطول الجمهورية وعرضها تحاكم ضباط الشرطة وقادتهم المتورطين فى قتل المتظاهرين، يشكو البعض من أنها بطيئة، وهذا حقهم فى رؤية عدالة سريعة وناجزة، ويشكو آخرون من عدم تمكنهم من رؤية المتهمين أثناء المحاكمة حتى يشفون غليلهم، وهذا حق من فقد حبيبا أيضا، لكن العدالة ليست فى عهدة المجلس العسكرى، ولا تحت سيطرة مجلس الوزراء، ولا تملك السلطة التنفيذية أن تقول للقاضى أسرع بالمحاكمة، أو أحكم بكذا وإلا عدنا للوراء، وكأن مصر لم تتغير.
مرت ستة أشهر فقط على الخامس والعشرين من يناير، لكن هذه الأشهر شهدت إنجازات على الصعيد السياسى، وحقوق الإنسان والحريات عظيمة جدا، فقد خرج الرئيس السابق من الحكم، وكل رجاله الكبار، "رئيس الوزراء، ورئيس مجلس الشعب، ورئيس مجلس الشورى، ورئيس ديوان رئيس الجمهورية، وغيرهم" خلف القبضان، وانتهى مشروع التوريث إلى الأبد، ودخل الوريث السابق إلى السجن، هو ورموز مشروعه مثل أحمد عز، وقادة الشرطة تجرى محاكمتهم، ومعهم بعض الضباط.
حكى لى صديق بالأمس أنه تقدم ببلاغ الى نيابة قصر النيل فى واقعة تعدى عليه منذ خمسة أشهر، ومع ذلك لم تتحرك القضية قيد أنملة، وأخبره محاموه أن كل رجال نيابة قصر النيل مشغولون فى قضايا متعلقة بالنظام السابق، ما يعنى أن عليه التحلى بالصبر لأن النيابة مشغولة والقضاء أيضا.
ولم نسمع من قبل عن قضية قتل صدر فيها الحكم بعد إحالتها إلى القضاء فى شهر أو شهرين أو ثلاثة، فما بالنا بقضايا لا تتعلق بقتل مواطن واحد، وإنما عدة مئات، من حق دفاع المتهمين فيها أن يقرأ القضايا ويناقش الشهود، ويراجع أدلة الاتهام ومحاضر الشرطة وتحقيقات النيابة وتقارير الطب الشرعى.
ومن حق محام المتهمين أيضا أن يعرف من قتل وأين، وهل كل من أصبح يحمل لقب شهيد مات فى الميدان وهو يطالب بالحرية، أم أن من بينهم من ماتوا وهم يقتحمون أقسام الشرطة، أو يحاولون سرقة ممتلكات عامة وخاصة؟
وأعتقد أن أرواح الشهداء لن تهدأ إذا تم الحكم على متهم برئ، أو إذا أفلت جانى حقيقى من العدالة، فلنترك العدالة تأخذ مجراها، عدالة يجب أن تتوفر للجانى والضحية على حد سواء، دون مليونيات أو تظاهرات، حتى، ولو تأخرت المحاكمات لأن المهم هو تحقيق العدالة التى كانت غائبة.. ومن المهم ألا تغيب الآن تحت أى ضغوط.