[rtl]اندلعت الثورة السورية في آذار / مارس 2011 بمظاهرات سلمية، تطالب بإصلاح سياسي يتيح هامشا من الحرية والمواطنة الكاملة لجميع السوريين، قابلها النظام بالرصاص ، فتعسكرت الثورة السلمية وأصبح الشهداء بمئات الآلاف، ماعدا المعطوبين والمعتقلين والمفقودين على يد النظام السوري.
إيران دعمت النظام السوري منذ البداية بالسلاح والمال، منحت النظام قرضا بـ (10) مليار دولار منعا لانهيار الاقتصاد والليرة السورية، وأرسلت أيضا مقاتلين من (الحرس الثوري) و(فيلق القدس) إلى جانب أمرها (حزب الله) ليقاتل في سورية ، والغرب يعرف هذا ويتفرج على المذابح بسورية على يد ميليشات النظام وحلفائه الإيرانيين والروس أيضا..
في الجزء الثالث والأخير من حوارنا مع المعارض الإيراني د. سنابرق زاهدي، نواصل الحوار بدءاً من هذه النقطة... لنسأل عن سر هذا التشبث الإيراني بنظام الأسد، وكلفته الباهظة ماديا وبشرياً.
س: كيف ترون هذا الموقف لإيران من الثورة السورية؟ وهل الاتفاق الاستراتيجي يقضي إلى حد التدخل في الشؤون الداخلية للدول؟
تصرفات النظام الإيراني في سوريا خلال السنوات الأخيرة تجاوزت كل حدود العلاقات الإستراتيجية، بحيث يمكننا القول: إن سوريا احتلها النظام الإيراني. وهذا ما قاله سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحافي مع نظيره الأمريكي نقلته صحيفة الحياة بتاريخ 5 نوفمبر 2013 حيث صرّح أن «سورية اليوم هي أرض محتلة من إيران، وهي تشارك فيها مع طرف ضد آخر...».
كما أن هناك أفلاماً علي اليوتيوب تشير إلى أن قادة الحرس هم الذين يقودون المعركة في محيط مدينة حلب. وتم تشييع جثمان حوالي عشرة من عناصر الحرس في مدينة لنگرود (مدينة صغيرة في شمال ايران) من الذين قتلوا في المعارك في سوريا للدفاع عن بشار الأسد. وهذا العدد من مدينة صغيرة إيرانية يشير إلي حجم مشاركة قوات الحرس الايراني هناك.
ومن المعروف أن أحد قادة الحرس حسين همداني الذي كان قائد فرقة «محمد رسول الله» الفرقة التي تتولى حماية طهران العاصمة هو الذي جاء إلى دمشق لقيادة المعارك هناك. وهناك قائد من الحرس باسم زاهدي في سوريا، هو أعلي رتبة من حسين همداني.
والنظام الإيراني يستخدم الايرانيين والعراقيين والأفغان والباكستانيين وعناصر حزب الله اللبناني و... في المعارك ضد أبناء الشعب السوري كما أن هناك أخباراً أن النظام الايراني جاء بآلاف من المنتمين الى جماعة الحوثي إلي سوريا للقتال ايضا.
وباالتأكيد سمعتم أن السيد رياض حجاب رئيس الوزراء السابق في سوريا والذي انشق عن نظام الأسد، صرّح في حديث له مع الشرق الأوسط أن: «الآن إيران هي التي تدير سوريا وتتخذ القرارات.. إيران تدير كل شيء وتتخذ كل القرارات... »، وأكد أن «الأثر الإيراني كان واضحا في كل مناحي القرارات في سوريا (إبان وجوده على رأس الحكومة) على الرغم من عدم ظهور المسؤولين الإيرانيين بصورة سافرة».
كما أن السيد أحمد الجربا رئيس الائتلاف السوري السابق قال في حديثه مع صحيفة الحياة في العام 2013 بمزيد من الوضوح وقال: « ارتباطات إيران مع نظام الأسد واضحة جداً.نحن لدينا إثباتات بأن الحرس الثوري الإيراني يقاتل في شوارع دمشق ويدير العمليات قاسم سليماني، وهناك حوثيون جاؤوا من اليمن بدعم إيراني، وحسن نصرالله اعترف بأنه يقاتل السوريين في سورية ويقول أنا جندي في ولاية الفقيه، هذه كلها أدوات إيرانية تبرهن على وجود إيران وتغلغلها في سورية، ناهيك عن الميليشيات العراقية التي ترسلها الأوامر الإيرانية للقتال في سورية.»
كما أن التقارير الصحفية تحدثت أن: «السفير الإيراني في بغداد (حسن دنائي)، نقل رسائل شفهية من مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي، والجنرال قاسم سليماني قائد (فيلق القدس)، إلى قادة التحالف الوطني، كل على حدة، تتضمن ضرورة دعم الرئيس السوري ماديا وبمبلغ حدده بـ10 مليارات دولار»، مشيرا إلى أن «الطلب الذي جاء بصيغة أوامر قد وافق عليه المالكي باعتباره رئيسا للحكومة العراقية».
عدا عن ذلك المعلومات التي وصلتنا من داخل النظام الإيراني تقول أن معدل الأموال التي يصرفها نظام الملالي في سوريا أو يقدّمها للنظام السوري يبلغ ملياري دولار شهريا. وهذا معناه أن هذا النظام دفع حتى الأن حوالي ثمانين مليار دولار من أجل إبقاء بشار الأسد في الحكم.
ونقلت مجلة نيويورك الأميركية عن أحد الملالي قوله "إذا خسرنا سوريا، لن يعود بإمكاننا الاحتفاظ بطهران". ونقلت عن مسؤول أمني من الشرق الأوسط "لا أعتقد أن الإيرانيين يحسبون ذلك بالدولار، بل ينظرون إلى خسارة الأسد كتهديد وجودي لهم".
س: المقاومة الإيرانية ترأسها السيدة مريم رجوي ، وتضم لفيف من الفصائل الإيرانية المناهضة لنظام إيران اليوتقراطي ، وتوجد معارضة عربية ليس في سورية فقط بل في العراق، واليمن ولبنان، حيث يتمدد النفوذ الإيراني، لماذا لم تطرح المعارضة الإيرانية حتى الآن استراتيجية تعاون مع هذه المعارضات العربية المناهضة لإيران والأنظمة العربية الدكتاتورية؟ وكيف ترون هذا التعاون مستقبلا؟
إذا أردنا أن نتكلّم بشكل عام فنحن قد طرحنا منذ فترة طويلة فكرة تأسيس جبهة موحّدة ضد التطرف الديني. لأننا كنا على يقين منذ أكثر من عقدين من الزمن أن العدوّ الرئيسي لشعوب ودول المنطقة هو ظاهرة التطرف الديني. ولا ريب أن قلب التطرف الديني ينبض في طهران. في العام 1993 نشرنا كتاباً بعنوان «التطرف الإسلامي... التهديد العالمي الجديد» في الولايات المتحدة الأميركية، وصدرت منه طبعتين حتى الآن. شرحنا في هذا الكتاب عملية تصدير التطرف والإرهاب من قبل النظام الإيراني إلي مختلف الدول العربية والإسلامية وكشف النقاب عن معلومات دقيقة من داخل النظام الإيراني في هذا المجال. خصّصنا فصلاً كاملاً منه إلى قوات القدس التي لم تكن معروفة للآخرين آنذاك. وفي نهاية هذا الكتاب طرحنا فكرة الإسلام العصري الديمقراطي المستنير، كبديل فكري وحضاري لظاهرة التطرف الديني. ودعونا جميع الأطراف التي ابتليت بداء التطرف بالتوحّد تحت خيمة هذا البديل الثقافي. وفي الوقت نفسه اقترحت السيدة مريم رجوي ضرورة بناء جبهة موحّدة ضد التطرف والطائفية. لذا نحن كنا سباقون في هذا المضار. وتطبيقاً لهذا التوجه نحن التقينا بالقوى الديمقراطية العراقية. واستطعنا جمعهم في هذا الإطار حيث وقّع خمسة ملايين ومائتي ألف عراقي عام 2008 على بيان ضد وجود النظام الإيراني في العراق وفي تأييد مجاهدي خلق، وبعدها بعامين قد وقّع ثلاثة ملايين من الشيعة العراقيين على بيان مماثل لبيان 2008.
س: ماذا كانت ردة فعل نظام الملالي على هذا كله؟
بعد هذا التطور الكبير، جنّ جنون نظام الملالي وطلب من نوري المالكي إغلاق "معسكر أشرف" بأي ثمن كان، والقضاء على (مجاهدي خلق) في العراق، ومن هنا بدأت الهجمات على سكّان أشرف، حيث ارتكب المالكي عدة مجازر ضد الأشرفيين وفي نهاية المطاف وبسبب التواطؤ الذي حصل بين الحكومة العراقية وممثل الأمم المتحدة في العراق (مارتين كوبلر) وبدعم من الولايات المتحدة الأميركية غادر جميع سكّان أشرف مدينتهم التي بنوها بأيديهم وذهبوا إلى مخيم صغير بجانب مطار بغداد باسم (ليبرتي).
صحيح أن (مجاهدي خلق) غادروا (أشرف) لكنهم لايزالون يعيشون في قلوب ملايين من أبناء الشعب العراقي، الذين ضاقوا ذرعاً من النظرة الضيقة المذهبية التي جاءت من الملالي وتحوّلت إلى حروب طائفية ومجازر وجرائم و... وفي النهاية أدت إلى ظهور (داعش) واستيلائها على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا.
وفي سوريا أيضاً نحن التقينا من أخواتنا وإخواننا في الائتلاف الوطني للقوى الثورية والمعارضة السورية حيث التقى السيد أحمد الجربا أثناء رئاسته للإئتلاف بالسيدة مريم رجوي في باريس. وعلاقاتنا مع الإئـتلاف باقية كما هي.
هذه العلاقات هي مغزى الجبهة الموحّدة ضد التطرف التي أشرت إليها.
س: تدخلت إيران في البحرين وسورية واليمن ولبنان وقبل الجميع أطلقت يدها في العراق، تسبب ذلك في تنامي التطرف الديني ومذهبة الصراع في المنطقة ، بعدما كان الصراع ثورة شعب ضد نظام مستبد، أصبح الصراع سنيا – شيعياً.
هل تعتقدون أن مذهبة الصراع سوف تحرق شظاياه الداخل الإيراني حيث أقليات مضطهدة لدينها أو عرقها أو لغتها؟
أعتقد أن القضية ليست قضية دين ومذهب بمعناهما العادي، القضية ليست التناقض بين الشيعة والسنة، بل القضية هي التناقض بين الحرية والقمع، أو بين الديمقراطية والاستبداد. لأنكم تعرفون إذا أردنا أن نتكلّم عن الإسلام فيمكننا القول بأن هذا الصراع بين إسلام الحرية والسلام والديمقراطية ضد إسلام القمع والكبت والحرب. ويمكننا أن نقول نفس الشئ بالنسبة للمذهب الشيعي أيضاً. هذا النظام يريد أن يحوّل الصراع الدائر بين الحرية والاستبداد إلى الصراع بين الشيعة والسنة، حتى يتولّى هو الدفاع عن التشيع وعن الأئمة الإثنى عشر، ويقدّم نفسه بأنه يمثّل الشيعة في العالم. لكننا نعتقد أن واجبنا الأول أن نكشف القناع عن الوجه الحقيقي لهذا النظام لتتعرّى حقيقته، ويعرف الجميع أن لا علاقة له بالإسلام كما لاعلاقة له بالتشيع. هناك معيار بسيط جداً يمكن فيه الردّ على هذا السؤال: من قتل أكثر عدد من المسلمين ومن الشيعة خلال العقود الأخيرة من التاريخ الحديث؟ لاشك أن نظام الملالي الحاكمين في إيران هو الأول في هذا المجال. فكيف يمكن وصف هذا النظام بالاسلامي أو بالشيعي؟ وليس من الصدف أن نظام الملالي هو الأول في الإعدامات في العالم- من حيث عدد السكّان- يليه النظام الحاكم في العراق الذي يمكن اعتباره نسخة طبق الأصل لنظام الملالي في هذا المجال.
س: ما هي طبيعة نظام الملالي إذن؟!
وإذا أردنا التعمق أكثر في طبيعة نظام الملالي، هل يمكن أن نعتبر نظاماً يتغذّى من التمييز المذهبي ومن إشعال نيران الطائفية في مختلف الدول، وهذا ما نشاهده في سوريا والعراق، واليمن ولبنان، نعتبره نظاماً تابعاً للإمام علي بن أبي طالب الذي يقول لمالك بن الحارث الأشتر النخعي حين ولّاه مصر: «وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَ الْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِهِمْ، وَلَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ‘ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وَإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ»
حقيقة إذا أردنا أن نبحث عن نموذج تاريخي لحكم الملالي في تاريخ الإسلام فنجد الأشبه بهم في حكم يزيد بن معاوية أو الحجاج بن يوسف الثقفي الذي لما تولّى الأمر وتلا الخطبة بصفته الولي قال بالحرف الواحد «أرى أن رؤوسا قد أينعت وحان وقت قطافها» وها هو خميني يقول ردا على سؤال عن حدود إعدام المجاهدين في السجون:« أي شخص كان وفي أية مرحلة كانت، إن كان متمسكاً بفكرة مجاهدي خلق فليحكم عليه بالإعدام ...أبيدوا أعداء الإسلام بسرعة. وبخصوص النظر في الملفات ومثل هذه القضايا فيجب العمل بشكل ينفّذ فيه الحكم بأسرع ما يمكن. هذا ما أريده. روح الله الموسوي الخميني».
وبالنسبة لتلبية الشعب الإيراني لنداء التخلص من هذا النظام، فالشعب مستعد وقد أثبت ذلك بمختلف الأشكال مرة في انتفاضاته وخاصة انتفاضة عام 2009، ومرة في أبناء هذا الشعب الأشرفيون الذين هم اليوم في مخيم ليبرتي و...نعم المنتمون لكل الأديان وكل الأعراق يعيشون حالة العصيان ضد هذا النظام ويبحثون عن متنفس للتعبير عنه.
هذا المنطق لاينفي وجود ظلم مزدوج ضد أبناء شعبنا من الأكراد والعرب والبلوش، كما أن السنة وأتباع الديانات الأخرى أيضاً يعيشون تحت الاضطهاد المزدوج. [/rtl]