::
ولاية الصعيد!
قبل أيام قليلة، أعلن تنظيم داعش «ولاية سيناء» في مصر، على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، عن اقتراب تأسيس فرع جديد للتنظيم في محافظات صعيد مصر. وجاء في تغريدات لأبي سفيان المصري، أحد أعضاء التنظيم في تغريدات أنه سيتم «قريبا الإعلان عن ولاية الصعيد» في الوقت الذي أعلن فيه المصري «مسؤولية التنظيم عن استهداف قوات الجيش والشرطة في قرى جنوب الشيخ زويد، بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة واستهداف مدرعات الجيش، وقسم ثالث الشيخ زويد، واستهداف كمين كرم القواديس بقذائف الهاون»، كما توعد المصري الجيش والشرطة، بمزيد من العمليات في سيناء! سبق ذلك، وتحديدا في الثالث عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بيان لأبي بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش ، أعلن فيه إنشاء عدة «ولايات» جديدة في دول عربية مختلفة، حيث أعلن عن «تمدد الدولة الإسلامية إلى بلدان جديدة، إلى بلاد الحرمين (السعودية) واليمن وإلى مصر وليبيا والجزائر». الجماعات الجهادية المقصودة في الدول الثلاث الأخيرة هي («أنصار بيت المقدس») في شبه جزيرة سيناء، و(«مجلس شورى شباب الإسلام») في ليبيا، و («جند الخلافة») في الجزائر، وفي إعلان «الخليفة إبراهيم» الصوتي، يقول أن إعلانه يستلزم «إلغاء» اسم الجماعات المحلية في الأماكن الخمسة المذكورة، «وإعلانها ولايات جديدة لـ الدولة الإسلامية ، وتعيين ولاة عليها»! مثل هذه اللغة، حين تقرأها، أو تسمعها، قد يخالجك شعور بالسخرية أو قد تستهين بما يقول الرجل، وما يصدر من تصريحات عن رجاله، ولكن الحقيقة، ان هذا التنظيم يزداد قوة كل يوم، ويجد مزيدا من الأنصار، من الشباب المسلم المهمش، أو العاطل عن العمل، أو اليائس من أي جهد رسمي عربي، لإحياء الأمل بنهضة الأمة، بل تزداد خارطة الانهيارات الرسمية، وخيبات الأمل، تعمقا وتمددا، حيث تبدو صورة البلاد العربية ما بين مأزومة ومتداعية، أو غارقة في مشكلاتها الداخلية، أو حتى حروبها الأهلية، وهذه بيئة حاضنة لهروب الشباب المتحمس إلى حضن داعش، ولا يبدو في الأفق أي جهد عربي رسمي، لمواجهة هذه الظاهرة مواجهة جدية، حيث يعتمد النظام العربي الرسمي حتى الآن على «الخيار الأمني» فقط، علما بأن المعركة مع التشدد معركة لها جانبان مهمان، فهي في الدرجة الأولى معركة عقول، وفي الدرجة الثانية معركة اقتصادية، وبغير اهتمام بهذين الجانبين، تهيىء آلة القمع والفشل العربية مزيدا من الأجواء الحاضنة المناسبة لتجنيد مزيد من الشباب في صفوف داعش! ولعل أكثر ما يثير غرابة المرء هنا، إصرار النظام العربي الرسمي على محاربة وملاحقة الحركات الإسلامية «المعتدلة» لسد آخر منفذ أمام الشباب المتحمس، وتحريضه بشكل مباشر على «الكفر» بأي من خيارات الاندماج بالمجتمع، ومحاولة التغيير من تحت المظلة الرسمية. تنظيم داعش، الذي تخبو أخباره بين حين وآخر في الإعلام، ينمو ويتمدد، ويجد ممن يعلنون الحرب عليه، عونا له في ذلك!