مفهوم الحب في الإسلام :
أيها الأخوة المؤمنون: كلمة الحب مؤلفة من حرفين، إنها في الإسلام تعني شيئاً كبيراً، إنها أصل من أصول الدين، إنها حقيقة راسخة من حقائق الإيمان.
أيها الأخوة الكرام: هذه الكلمة الكبيرة مُسِخت عند أهل الدنيا إلى ميل الذكر للأنثى، وللناحية الحسّية فيها، بينما هي في الإسلام شيء كبير، هذه الكلمة أيها الأخوة يلهج بذكرها العابدون، ويوصي بها الأطباء والمصلحون، ويسعى إلى ترسيخها الدعاة إلى الله عز وجل، العالم الإسلامي اليوم يعاني أزمة في المحبة، هذه الأزمة جعلت الإنسان لا يفهم معنى إنسانيته، يعيش لنفسه، أو يعيش الناس له و هذا يكون بعيداً عن معظم المسلمين.
أيها الأخوة المؤمنون: نحن كمسلمين في فقر مدقع إلى الحب بمعانيه السامية التي جاء بها القرآن، بمعانيه النبيلة التي وردت في أحاديث النبي العدنان، بينما الكراهية والبغضاء سمة في علاقات الناس، ولعل أسباب ذلك ترجع إلى قانون مستنبط من قوله تعالى:
﴿فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾
[ سورة المائدة : 14]
فكل تقصير في حق الله، وكل معصية لله، وكل مخالفة لمنهج الله تنعكس فيما بين الناس عداوة وبغضاء لأن المصالح تتضارب، بينما الأخوة في الله تتنامى و تتسامى.
أيها الأخوة الكرام: لا يمكن أن تكون هذه الكلمة الكبيرة ممسوخة بميل الذكر للأنثى فحسب، إنها ميل شهوة وحاجة، ولكن الإسلام أعطى كلمة الحب مفهومات واسعة جداً، قال أحدهم مرة وهو من علماء النفس: الإنسان الذي لا يجد حاجة إلى أن يُحِب أو يُحَب ليس من بني البشر، فكأنما الطائرة إن لم تطر ليست طائرة، سمّها ما شئت ليست طائرة ما لم تطر في الأجواء، كذلك الإنسان لا يعد إنساناً إلا إذا وجد في نفسه رغبة قوية في أن يُحِب، وأن يُحَب، أوسع هذه الدوائر أن تحب الله الذي أنعم عليك بنعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد، وأن تحب دينه القويم وصراطه المستقيم، وأن تحب إخوانك المؤمنين الذين تلتقي معهم في عدد لا يعدّ ولا يحصى من القواسم المشتركة، أن تحب رسول الله الذي جاءك بهذا الدين القويم، أن تحب أسرتك التي خلق الله بينك وبينها المودة والرحمة، حتى أن المؤمن يحب لقاء الله، الشيء الذي يفر منه معظم الناس ويرونه أكبر مصيبة، المؤمن يحب لقاء الله، بعض علماء الرياضيات له مقولة مشهورة هي: أنا أفكر إذاً أنا موجود، لكن علماء القلوب يقولون: أنا أحب الله إذاً أنا مؤمن، علامة إيمانك أن يكون الله ورسوله أحب إليك مما سواهما.