((عبرة الموت قبل الفوْت))
جُموعُ الناسِ توقِنُ بالمَماتِ =عجيبٌ خوضُهُمْ في المُنْكَراتِ
فَمنهم آكِلٌ لحْماً لِبَعْضٍ=ومـنهـم آكـلٌ إرْثَ الـبَـنـاتِ
ومِنْهُمْ هاضمٌ حَقْاً بظلمٍ =ومـنـهـم هـادمٌ رُكْـنَ الـصـلاةِ
ومنهم جامعٌ مالاً حراماً = ومـنـهـم مـانـعٌ حـَقَّ الـزَكـاةِ
ومنهم هَمّهُ بَطْنٌ وفَرْجٌ =ومـنـهـم عـابـثٌ فـي المُلْهِياتِ
وأضحى الناسُ للدُنْيا عبيداً = وقـَدْ غَـرِقـوا بـِبَـحْر ِالـسيئاتِ
وحكامُ العروبَةِ في عداءٍ = لأهـْلِ الـديـن ِصـَحْـبٌ لِـلْعُـداةِ
فَعَمَّ الظُلْمُ أهْلَ الأرْض ِطرّاً = وحـالُ الـنـاس كـالـمُسْتنْقعاتِ
إذا أيْقَنْتَ أنَّ المَوْتَ حَقٌ = وأنَّـكَ سَـوْفَ تُبْعَثُ مِنْ مماتِ
لماذا العُمْرَ بالعصيانِ تَقْضي = ولا تسعى لفعل الصالحاتِ
فيا هذا سَتَرْحَلُ عَنْ قريب = وتَثْوي في القبورِ الموحشاتِ
كفى للناسِ ذِكْرُ الموتِ دَرْسا ً = ودَرْسُ الـكـونِ أعْـظـَمُ للثّباتِ
رأيْتُ أبي بُعَيْدَ الموْتِ ليْلاً = ورؤيا المَوْتِ ذكرى في السّباتِ
سألتُ أبي أطـَعْمُ الموتِ مُرٌ = فقالَ نَعَمْ ورَبِّ الـكـائـناتِ
وأخْبَرَني عذابُ الله حَقٌ = ويَـرْحَـمُ جـاهـلينَ وجـاهـلاتِ
وأقْرَبُ ما يكونُ العَفْوُ مِنْهُ = لـقـومٍ تـائـبـيـنَ وتـائـبـاتِ
فَقُمْتُ مِنَ المنامِ بِكُلِّ ِبشْرِ = ويَـمَّـمْـتُ الـقـبـور الـدارسـاتِ
وألقَيْتُ التَحِيَّةَ في سلام ٍ = أخـاطِـبُـهُـمْ كـأبـنـاءِ الـحـيـاةِ
وحَلَّقْتُ التَأمُّلَ في خشوع ٍ = وفـِكْـري جـالَ فـي كُلِّ الجهاتِ
مَشَيْتُ خلالها حَذِراً بِبُطْءٍ = مـخافَةَ أنْ أدوسَ على الرُّفاتِ
على قَبْرٍ مَلِيَّاً قـُمْتُ أرْنو = إذا بـالإسْـمِ مـِنْ بَعْضِ العُصاةِ
فخاطَبْتُ المُسَجى في شُجونٍ = وجـاشَـتْ فـي فـؤادي ذِكْـرياتي
أتَذْكُرُ ما اقْتَرَفـْتَ مِنَ الخطايا ؟= وقَـدْ أشْـرَكْتَ ربي في الصفاتِ
وأبْطَرَكَ الغـِنى فأكَلْتَ ظـُلْما ً = حقـوقَ المسلميـن َومـسـلـماتِ
وقد مَلَّكْتَ شَرَّ الناسِ أرضاً = مـبـاركـة ً بـخـيْـرِ مُـقَـدّسـاتِ
وكم حاربْتَ دينَ الله جَهْراً = وكـم دَنَّـسْـتَ عِرْضَ الطاهراتِ
وكَمْ اُسْمعْتَ وعْظاً مِنْ دعاةٍ = ولـَمْ تَـعْـمَـلْ بـإرشـاد ِ الـدُعـاةِ
لسانُ الحال ِقالَ بكلِّ حُزْنٍ = لَـقَد ْأبْـصَـرْتُ فـي وقْتِ الفواتِ
فما قـَبْرٌ وَقَفْتُ عليه إلا = لـه صَـوْتٌ كَـثَـكْـلـى الأمـهـاتِ
لسانُ الحالِ لامرأةٍ تنادي = فـمـا أقـْسـى عـقـابَ الـزانـيـاتِ
وأخْرى في العذابِ لها أنينٌ = تـعـانِـدُ زَوْجـَهـا كـالـناقـصـاتِ
ومِنْهُمْ مَنْ يُعَذَّبُ في لسانٍ = ومِـنْهُمْ كان مِنْ أعْتى العُتـاةِ
ومِنْهم كان يؤذي والِدَيْهِ = بِـشَـتْـمٍ أوْ يُـلـوِّحُ بـالـعَـصـاةِ
ومــنهم بالـرِّبـا قـَدْ حازَ مالاً = وكَـمْ مـن مـفـسـديـنَ ومـفـســداتِ
وحانت لَفْتَة ٌ مِنّي لِقَبْرٍ = دفـيـنُ الـقـَبْـرِ كـانَ مـِنَ التّقاةِ
لَقَدْ عِشْنا سوياً في صلاحٍ = بِـظِـلِّ الـديـن ِأصْـل المَـكْرُماتِ
لسانُ الحالِ أهدى لي سلاما ً = وقـالَ لـقـاؤنـا بـعْـدَ الـوفـاةِ
وأخْبَرَني بأنَّ القَبْرَ خَيْرٌ = يـريـحُ الـمُـؤمِـنـينَ مِنَ الطُّغاةِ
ويا لَيْتَ الزمانَ يعودُ يوماً = لأُصْلِح َما فَـعَـلْـتُ مـِنَ الهَناتِ
وصابرْ يا أخي لا تَخْشَ موْتاً = ألا فـَلْـتَـخـْشَ فـِعْـلَ الـموبقاتِ
فأنْهَيْتُ الزيارَةَ في دموع ٍ = وزادَتْـنـــي دروسـاً بـيـّنـاتِ
اُذَكِّرُاخْوَتي بالموْتِ دوْماً = لإرخـاص ِالنفوس ِلتضحياتِ
فإن الموت في إعلاءِ حقٍ = يـفـوقُ المَوْتَ في إعلاءِ ذاتِ
لموتٌ في سبيلِ اللهِ يزكو = على مـوت ٍلـدُنْـيـا أو هِـبـاتِ
أتَقْرِنُ مَنْ يموت ُلأجلِ دينٍ = بِـمَـنْ يـقـضـي بِحُبِّ الغانياتِ
فََحُبُّ الله يعلو كُلَّ حُبٍّ = وهذا الـحُـبُّ يـوصـِلُ لـلـنـجاةِ
إذا كانَتْ منيَّتنا ستأتي = فما نَفْعُ الهروبِ مِنَ الـمَـمـاتِ
إذا أخْطاكَ سَهْمُ المَوت حيناً = يُصـيبُ الـسَهـْمُ يـومـا ً وهـوآتِ
ألا تـهـوى لـقـاءَ الـلـه تبّاً = وهَـمُّـكَ فـي لـقــاءِ الـماجـنــاتِ؟
فلاقِ المَوْتَ ما أحْلى لِقاهُ = لأهـلِ الـخَـيْـر أو لـلـخـيِّـراتِ
وأجْملُ ما يَطيبُ لَهُم ْبِسَمْعِ = أزيزٌ لـلـرصـاصِ وطـائـراتِ
وفرقَعَةُ القنابِلِ وهي تَهْوي = لَـتُـطْـرِبَُ عـَنْ جميعِ الأغنياتِ
أقولُ وربما تمتاز ُصوْتا ً = على صوتِ الطـيـورِ مـغـرِّداتِ
فكيفَ نُحِسُّ في عيْشٍ رغيدٍ = وكُلُّ الأرْضِ في أيدي الغُزاةِ
لهذا الحُرّ يَعْشَقُ صَوْتَ حَرْبٍ = عـسـاهـا قـد تـُعـيـدُ الأمْـنـيـاتِ
حياةٌ قد تقود بنا لموْتٍ = ومَوْتٌ قـد يـقـودُ إلـى الـحـيـاةِ
إذا شَعْبٌ أرادَ العيْشَ ذُلاً = فَعُدّ الشـعـبَ فـي حُـكْمِ المواتِ
فمَنْ طلَبَ الدُّنا كَرِه المنايا = وكَُرْهُ الـمَـوْت مـن صِفَةِ البُغاةِ
إذا ماتَ الغَنيُّ بدا حزيناً = على ذَهَـبٍ لَـهُ ودُرَيْـهـمـاتِ
وإنْ ماتَ الفقيرُ علامَ يَشْكو = عـلى الـثَـوْبِ الـمـُرَقّـعِ والفُتاتِ؟
يعيشُ الناسُ للدنيا بجَهْلٍ = وَينْسونَ الـعِـظـامَ الـبـالـيـاتِ
وذِكْرُ المَرْءِ في الدنيا سَراب ٌ = وحُـسْـنُ الـذِكْـرِ فـِعْـلَُ الـباقياتِ
فلا أحَدٌ يُؤخِّرُ وَعْدَ مَوْتٍ = فـَوَعْـدُ الله يـأتـي إذ يُـواتـي
ترى متخلِّفاً خوفاً لقَتْلٍ = فـيـُقْـتَـلُ بـالـسِّـهـامِ الـتـائـهـاتِ
ورُبَّ مشاركٍ للْحربٍ يَحيا = يشارِكُ في الـحـروبِ الـقـادماتِ
ورُبَّ مسالمٍ يَبْغي أماناً = يـُفـاجـَأ ُ بالـصـروفِ الـعـاديـاتِ
همومُ المَرْءِ أمواج ٌتتالى = وبـعـضُ الـمَـوْجِ لـلأمواهِ عات
إذا شِئْتَ الحياة بكل مجد = فـقـاوِمْ كـالـجبـالِ الـراسـيـاتِ
وَوَحّدْ جَمْعَ إخوتِنا وحاذرْ = تَفَرُّقَهُمْ فصائِلَ فـي فـئـاتِ
وللإسلامِ فاعْمَلْ في صمودٍ = فـفـي الإسـلامِ حَـلَّ الـمُـشْـكـلاتِ