نصيحة للشباب الذين يتهاونون بالطاعات

الســ❓ــؤال:

*فضيلة شيخنا، ما نصيحتكم لكثير من الشباب الذين قصروا في طاعة الله، وكثيراً ما نرى في أوقات الصلوات بعض الشباب -هداهم الله- يلعبون الكرة، ويفحطون بالسيارات، فيعرضون أنفسهم، وغيرهم للهلاك، نرجو توجيه كلمة نافعة لمثل هؤلاء الشباب-نفع الله بكم وأمتع بكم- ؟*


*الــشــيـخ الـعـلامـة ابــن عـثـيــميـن رحـمـه اللـــه وغـفـر له*


الجــ☑ــواب:

*الشيخ نصيحتي لإخواني المسلمين عموماً، وللشباب الذين وصفت حالهم خصوصاً: أن يتقوا الله -عز وجل- وأن يعلموا أن هذا الدنيا دار عمل، وليست دار مستقر، ومع هذا لا يدري الإنسان متى ينقل عن هذه الدنيا، فقد يصبحولا يمسي، أو يمسي ولا يصبح، فالواجب أن يبادر بالتوبة، والرجوع إلى الله ـ عز وجل ـ وليبشر التائب أنه إذا تاب، محا الله عنه ما سبق من الإثم مهما عظم. قال الله ـ تعالى ـ: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ﴾ [الفرقان:68]، وهذه أمهات المعاصي، والعظائم: الشرك، وقتل النفس المحرمة بغير الحق، والزنا. ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً ۞ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً ۞ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ [الفرقان:68-70]. فنصيحتي لنفسي أولاً، ولإخواني المسلمين ثانياً :المبادرة بالتوبة قبل أن يحل الأجل؛ لأنه إذا حل الأجل لم تنفع التوبة، قال الله ـ تعالى ـ: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾ [النساء:18]،هذا ليس له توبة. وهذا كلام الله ـ عز وجل ـ والشاهد من الواقع قصة فرعون، قال الله ـ تعالى ـ: ﴿حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس:90]، فقيل له: آلْآنَ [يونس:91] يعني: أتتوب الآن: ﴿وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس:91] ،فالحاصل أني أنصح نفسي أولاً، وأتوب إلى الله مما صنعت، ثم أنصح إخواني ثانياً أن يبادروا بالتوبة قبل أن يحل الأجل، ثم لا تنفع التوبة، وما أعظم الندم في تلك اللحظة؛ ما من ميت يموت إلا ندم، إن كان مسيئاً ندم ألا يكون استغفر، وإن كان محسناً ندم ألا يكون ازداد، كل ميت يندم: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ۞ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [المؤمنون:99-100]. فالشباب الذين أنعم الله عليهم بقوة شبابية أنصحهم أن يستغلوا هذه القوة، وهذا الشباب فيما يرضي الله ـ عز وجل ـ وهم إذا عودوا أنفسهم على الطاعة سهلت عليهم، بل شق عليهم تركها، والكرة يمكن أن يلعبوها في وقت آخر، نحن لا نحرم عليهم الكرة إذا كانوا يلعبون من غير ترك الواجب، ومن غير الكلام المحرم، ومن غير كشف العورة، لما فيها من الراحة بعض الشيء، وتقوية للبدن، والإنسان لا يمكن أن يكون دائماً في جد، فالنفس تمل، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «إن لربك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً».*