إن التوكل على الله تعالى الذي تحقق به أنبياء الله جل وعلا، وكان سببًا في قيامهم بالدعوة إلى الله تعالى ونصر دينه، إنما هو نتيجة لهداية الله تعالى لهم، كما قال سبحانه وتعالى : *( وَمَا لَنَآ أَلَّا نَتَوَڪَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنَا سُبُلَنَا )* [ إبراهيم: ١٢ ]، فكان إلقاء التوكل في قلوبهم أحد عواقب الهداية، وكان هذا التوكل هو أعظم التوكل لأن سببه هو هداية الله تعالى لهم، التي جعلتهم على الحق والهدى، وكان من الحق والهدى الذي هم عليه أن وفقهم الله تعالى لهداية الناس، ونصر دين الله تعالى، والقيام به، بالرغم من أن كل واحد منهم عليهم أفضل الصلاة والسلام كان وحده أمام صناديد الكفر، ولكنه بتوكله على القوي القادر، الذي لا يقوم له شيء، ولا يعجزه شيء، والذي يؤيد عباده ويكفيهم، أنزل الله تعالى عليهم نصره الذي يتنزل على عباده المتوكلين.
إن هؤلاء المتوكلين جعلهم هذا التوكل يقفون فرادى يدعون إلى الله تعالى، وهم يثقون في نصره جل وعلا وفي تأييده، فإذا بهم لا يهمهم شيء، ولا يقوم لهم شيء، ولا يحزنهم شيء، ولا يخافون من شيء، إذ إنهم موقنون بأن الله تبارك وتعالى سينصرهم كما هداهم إلى الحق وإلى الصراط المستقيم.
وهو المعنى الذي ينبغي أن يتدبر فيه المرء؛ ليرى درجته في التوكل ودرجته في الهداية، بمعنى: أن يُنزل قوله تعالى: *( وَمَا لَنَآ أَلَّا نَتَوَڪَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنَا سُبُلَنَا )* على قلبه وعمله، لينظر ما هي درجته في التوكل التي تدل إن كان قد حصل درجة عالية من الهداية أو درجة ضعيفة أو أنه بعيد عن الهداية؛ إذ على قدر درجة المرء في الهداية تكون درجته في التوكل على الله تعالى، فإن قل توكله وأصابه ذلك الضعف في السير إلى الله تعالى، والحرص على الدنيا، وقلة الثقة واليقين فيما عند الله تعالى، وقدم الدنيا وشهواتها على ما عند الله تعالى، كان ذلك دليل على ضعف هدايته وقلة درجته فيها، أما إذا ارتفعت درجة توكله على الله تعالى، وظهر منه تقديم أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم على كل شيء، دل ذلك على ارتفاع درجته في الهداية.
إن الهداية من الله تعالى، ولكن المرء مضطر إليها في كل لحظة من لحظاته، فينبغي له ملازمة الدعاء والافتقار إلى الله تعالى، أن ييثبته على الهداية ويرفع درجته فيها؛ لذلك أمرنا الله تعالى أن نطلبها منه في كل ركعة في صلاتنا، كما قال: *( ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٲطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ )* [ الفاتحة : ٦ ] فيظل المرء يطلب الهداية له وللمسلمين وللناس جميعا حتى آخر ركعة في حياته. ثم على المرء أن يقوم بالتعرض لسبل الهداية والمجاهدة على تحصيل أسبابها: من الإنابة إلى الله تعالى، واتباع أحسن القول، والالتزام بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومرافقة الصالحين، وفي نفس الوقت أن يترك أسباب قلة الهداية من اتباع الهوى والشهوات والاستسلام للكسل والفتور والتواني، ومخالطة أهل الأهواء والبطالة، عسى الله سبحانه وتعالى أن يربط قلوبنا على الهداية ويرفع درجتنا منها برحمته الواسعة، كما قال جل وعلا: *( رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ )* [ آل عمران : ٨ ].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من خطب ودروس فضيلة الشيخ/ د. محمد الدبيسي. مسجد الهدي المحمدي بالظاهر
إن هؤلاء المتوكلين جعلهم هذا التوكل يقفون فرادى يدعون إلى الله تعالى، وهم يثقون في نصره جل وعلا وفي تأييده، فإذا بهم لا يهمهم شيء، ولا يقوم لهم شيء، ولا يحزنهم شيء، ولا يخافون من شيء، إذ إنهم موقنون بأن الله تبارك وتعالى سينصرهم كما هداهم إلى الحق وإلى الصراط المستقيم.
وهو المعنى الذي ينبغي أن يتدبر فيه المرء؛ ليرى درجته في التوكل ودرجته في الهداية، بمعنى: أن يُنزل قوله تعالى: *( وَمَا لَنَآ أَلَّا نَتَوَڪَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنَا سُبُلَنَا )* على قلبه وعمله، لينظر ما هي درجته في التوكل التي تدل إن كان قد حصل درجة عالية من الهداية أو درجة ضعيفة أو أنه بعيد عن الهداية؛ إذ على قدر درجة المرء في الهداية تكون درجته في التوكل على الله تعالى، فإن قل توكله وأصابه ذلك الضعف في السير إلى الله تعالى، والحرص على الدنيا، وقلة الثقة واليقين فيما عند الله تعالى، وقدم الدنيا وشهواتها على ما عند الله تعالى، كان ذلك دليل على ضعف هدايته وقلة درجته فيها، أما إذا ارتفعت درجة توكله على الله تعالى، وظهر منه تقديم أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم على كل شيء، دل ذلك على ارتفاع درجته في الهداية.
إن الهداية من الله تعالى، ولكن المرء مضطر إليها في كل لحظة من لحظاته، فينبغي له ملازمة الدعاء والافتقار إلى الله تعالى، أن ييثبته على الهداية ويرفع درجته فيها؛ لذلك أمرنا الله تعالى أن نطلبها منه في كل ركعة في صلاتنا، كما قال: *( ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٲطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ )* [ الفاتحة : ٦ ] فيظل المرء يطلب الهداية له وللمسلمين وللناس جميعا حتى آخر ركعة في حياته. ثم على المرء أن يقوم بالتعرض لسبل الهداية والمجاهدة على تحصيل أسبابها: من الإنابة إلى الله تعالى، واتباع أحسن القول، والالتزام بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومرافقة الصالحين، وفي نفس الوقت أن يترك أسباب قلة الهداية من اتباع الهوى والشهوات والاستسلام للكسل والفتور والتواني، ومخالطة أهل الأهواء والبطالة، عسى الله سبحانه وتعالى أن يربط قلوبنا على الهداية ويرفع درجتنا منها برحمته الواسعة، كما قال جل وعلا: *( رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ )* [ آل عمران : ٨ ].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من خطب ودروس فضيلة الشيخ/ د. محمد الدبيسي. مسجد الهدي المحمدي بالظاهر