من الآيات التي تحمل معان مهمة لطالب العلم، قوله تعالى في قصة موسى والخضر عليهما السلام : *( قَالَ لَهُ ۥ مُوسَىٰ هَلۡ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمۡتَ رُشۡدًا • قَالَ إِنَّكَ لَن تَسۡتَطِيعَ مَعِىَ صَبۡرًا • وَكَيۡفَ تَصۡبِرُ عَلَىٰ مَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ خُبۡرًا • قَالَ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرًا وَلَآ أَعۡصِى لَكَ أَمۡرًا )* [ الكهف: ٦٦-٦٩ ]، فموسى عليه السلام كان على علم بأحكام الشريعة الظاهرة، والخضر عليه السلام كان على علم لا اطلاع لموسى عليه، وعلى الرغم من فضل موسى على الخضر عليهما السلام إلا أن ذلك لم يمنعه من طلب العلم منه: *( قَالَ لَهُ ۥ مُوسَىٰ هَلۡ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمۡتَ رُشۡدًا )*، ولما كان عِلم الخضر ظاهره المنكر وباطنه المعروف والمصلحة والرحمة من الله تعالى، كما ظهر في نهاية القصة، فقد أَخبر الخضر موسى عليهما السلام بصعوبة الأمر عليه: *( قَالَ إِنَّكَ لَن تَسۡتَطِيعَ مَعِىَ صَبۡرًا • وَكَيۡفَ تَصۡبِرُ عَلَىٰ مَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ خُبۡرًا )*، وهذا استفهام للنفي والاستنكار، بمعنى: كيف تصبر وأنت لا تتمكن من الإحاطة بهذا العلم، وظاهره منكر عندك والحكمة منه لم تبلغك بعد ؟ فما كان من موسي عليه السلام إلا أن قال: *( سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرًا )* فقدم المشيئة استعانة بالله تعالى، وركونًا إليه وتوكلاً عليه، وثقة في قدرته وقوته جل وعلا، وتأدبًا مع الله تعالى، وإظهارا منه للافتقار إلى الله تعالى وأنه لا ينفرد بشيء إلا بشيء قد أعطاه الله له، وقوَّاه عليه، وكذلك لأن تقديم المشيئة يؤذن بأن الأشياء التي يمكن أن يراها سيكون من الصعب عليه أن يتقبلها بسهولة؛ لذلك قال: إن شاء الله سأتحمل، هذه الأمور الصعبة الشديدة التي لا تحتمل، وسيظهر لك مني ذلك الصبر الذي تريد، ومهما أصابني من ضيق وضجر حال متابعتك أو حال عدم إدراكي لما يقع منك، أو حال ترقبي لمعرفة العلل والأسباب لما تأتي من أفعال، فستجدني في كل ذلك إن شاء الله صابرًا.
والخُلق الثاني الذي ظهر من موسى عليه السلام هو طاعته لأمر الخضر: *( وَلَآ أَعۡصِى لَكَ أَمۡرًا )* يعني: ستجدني مطيعًا، غير عاصٍ لك، غير رادّ لأمرك في شيء؛ ليُحصل رحمة الله تعالى ببركة هذه الطاعة ويزداد من العلم الذي لم يُحصله هو، وحصله غيره.
فكان الخُلقان المميزان لطالب العلم هما الصبر والطاعة لمن استوثق في علمه وتقواه، وتبين له أنه يسير على الهُدى؛ ليحصل بهذه الأخلاق بركة العلم من أهل الخير والفضل والتقى، وليزداد بهذا العلم رفعة، وإقبالاً على الله، ومحبة له سبحانه وتعالى، وصفاء للنفس، وبعدًا عن الأخلاق المذمومة؛ إذ كلما امتلأ المرء من العلم النافع قل ما فيه من العلوم غير النافعة، التي تشغل المؤمنين عن تعلم ما يكون سبب معرفتهم بالله تعالى، وخشيتهم له، وازدياد نصيبهم من محبته وتقواه والقرب منه سبحانه وتعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــ
من خطب ودروس فضيلة الشيخ / د. محمد الدبيسي. مسجد الهدي
المحمدي بالظاهر
والخُلق الثاني الذي ظهر من موسى عليه السلام هو طاعته لأمر الخضر: *( وَلَآ أَعۡصِى لَكَ أَمۡرًا )* يعني: ستجدني مطيعًا، غير عاصٍ لك، غير رادّ لأمرك في شيء؛ ليُحصل رحمة الله تعالى ببركة هذه الطاعة ويزداد من العلم الذي لم يُحصله هو، وحصله غيره.
فكان الخُلقان المميزان لطالب العلم هما الصبر والطاعة لمن استوثق في علمه وتقواه، وتبين له أنه يسير على الهُدى؛ ليحصل بهذه الأخلاق بركة العلم من أهل الخير والفضل والتقى، وليزداد بهذا العلم رفعة، وإقبالاً على الله، ومحبة له سبحانه وتعالى، وصفاء للنفس، وبعدًا عن الأخلاق المذمومة؛ إذ كلما امتلأ المرء من العلم النافع قل ما فيه من العلوم غير النافعة، التي تشغل المؤمنين عن تعلم ما يكون سبب معرفتهم بالله تعالى، وخشيتهم له، وازدياد نصيبهم من محبته وتقواه والقرب منه سبحانه وتعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــ
من خطب ودروس فضيلة الشيخ / د. محمد الدبيسي. مسجد الهدي
المحمدي بالظاهر