تلك الأيام (1). ...خلق الله تعالى الكون وأبدعه وذلل للإنسان الحياة التي أرادها الله تعالى له، ورسم له الطريق الصحيح إلي الله والمتمثل في الانقياد التام لأوامر الحق تبارك وتعالى واجتناب ما علم الحق حقيقته وغفل عنه العقل البشري ( وعسي أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسي أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) ونري في الحياة تداول للمال بين هذا تارة وبين غيره تارة أخرى، ولا شك أن المال علي المستوي العالمي سلعة رابحة ووسيلة هادفة حال استغلالها في المكان المناسب، فبعض الشعوب تتقن العلوم والبحث العلمي بغية الثراء والرفاهية وبين ه هذا التقدم تنفذ مرادها وتبسط نفوذها بحرفية ، وتشهر سلاح القوة في وجه الجميع ، وبعض الشعوب تتفنن في ضياع هذا المال وهدفها الأول رفاهية العيش والتطاول علي الفقراء، وكلا الطرفين خاسر أخرويا مذموم إنسانياً، فما خلق المال إلا لإسعاد البشرية سواءً كان قليلاً نافعاً أم كثيراً جاذبا، فقوة المال نابعة من نفع البشرية لا من التفنن في طاعة النفس وهدم المجتمعات، ففرحة الفقير لا توصف حين يأخذ حقه من صاحب العمل ويلمس زيادة في هذا الحق تعينه علي شراء شئ يحلم به وينتظر هذه الأموال، كذا حزن الثري لا يوصف حال خسرانه أحد السباقات ، وبين هذا وذاك يعمل المال علي نشر نسيم السعادة وبوادر القلق والخوف، ولأن سنة الله تعالي اقتضت تداول الأيام ، فالحذر كل الحذر من تمجيد النفس ونسب النجاح لها، كذا الانتباه للضعفاء المنكسرة قلوبهم حال السؤال وطلب حقهم المشروع (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) هذا الحق كثيرا ما يضيع لتنحدر الإنسانية وتصل إلي قاع الحياة ويبحث هذا الفقير عن قوته بين بقايا طعام البشرية. ... أحمد خلف الله