الجهاد
الاجتهاد
الفرق بين الجهاد والاجتهاد
ماهو الاجتهاد ومفهومه 14375072821574
لقد اختلط على الناس في هذا العصر خاصة المفهوم الحقيقي لمعنى الاجتهاد، كما اختلط عليهم من يحق له الوصف بالمجتهد

طريقان مظلمان من شأنهما أن يوقعا هؤلاء الناس في تخبطات عقدية ومنهجية، تجعلهم لا يفرقون بين عالم وعالم، وبين مقلد ومقلد، وبين داعية وداعية

الاجتهاد الحقيقي له أهله وله مَواطِنه، له أحكامه وأصوله، وليس يحق لأي أحد أن يجتهد ويفتي ويصرف كلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - كيف يشاء، فيضل الناس بغير علم

وقد صدق ابن عمر- رضي الله عنهما - إذ قال: إن أصحاب الأهواء هم أعداء السنة، أعيتهم أن يحفظوها، وتفللت منهم أن يعوها، فإذا سئلوا، استحيوا أن يقولوا لا نعلم، فأفتوا بغيرعلم، فضلوا وأضلوا.

هل كل مجتهد إذا أخطأ له اجر ؟

ولنناقش المسألة في ضوء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ )
رواه البخاري و مسلم و غيرهما و اللفظ للبخاري

فلا يلزم من رد حكم القاضي، أو فتوى المفتي أو العالم، أو عمل العامل إذا خالف الشرع، لا يلزم من رد فتواهم أو حكمهم عليهم، أن يكونوا أثموا بما قالوا أو عملوا

بل إذا بذل العالم وسعه للوصول إلى الحق، وبذل الحاكم أو القاضي وسعه كذلك واجتهد فحكم أو أفتى وخالف بذلك الصواب والحق، فإنه يكون مأجورا ، ولو خالف الشرع في حقيقة الأمر، إذا كان ذلك بعد الاجتهاد وبذل الوسع وهو أهل للاجتهاد، فهو مأجور أجرا واحدا.

هل كل مجتهد إذا أخطأ له اجر ؟

ولكن متى يؤجر العالم أو متى يؤجر الحاكم ؟

يؤجر إذا كان عالما قادرا على الاجتهاد ، وأما الجاهل فلا !

قال ابن المنذر رحمه الله : وإنما يؤجر الحاكم إذا أخطأ، إذا كان عالما بالاجتهاد فاجتهد، وأما إذا لم يكن عالما فلا.
أي: القاضي إذا كان عالما بالاجتهاد وقادرا على الوصول إلى معرفة الحكم الشرعي، ثم بذل وسعه واجتهد فأخطأ، فإنه يؤجر أجرا واحدا، لكن إن كان قد قضى على جهل فهو مأزور غير مأجور .
هل كل مجتهد إذا أخطأ له اجر ؟

ولكي نقرب المسلم من معرفة حقيقة الاجتهاد والمجتهد، نضع بين يديه أقوال أهل العلم المعتبرين، حتى يتبين له القول الأبيض من القول الأسود من العلم، وحتى يستبين سبيل المحقين فيتبع، ويستبين سبيل المجرمين فيمتنع.

معنى الاجتهاد؟ وما المراد بالاجتهاد؟ ومن نقصد بالمجتهد؟

الاجتهاد في اللغة: هو بذل الجهد لإدراك أمر شاق، أو استفراغ الوسع في تحقيق أمر من الأمور- تعبدية كانت أم سلوكية -، ولا يوصف الفعل بالمجهود إلا إذا صحبته مشقة الإتيان، إما بالبدن وإما بالقول وإما بالذهن

فيقال - مثلا-: اجتهد في حمل صخرة، ولا يقال: اجتهد في حمل خردلة؛ ويقال: اجتهد في المناظرة، ولا يقال اجتهد في اللغو، و- أيضا- يقال : اجتهد في حل لغز أو مسالة.

وأما تعريفه عند علماء الأصول : فهو عملية استفراغ الوسع في إدراك حكم من الأحكام الشرعية العقلية والنقلية من مصادرها الأصلية، كالقرآن والسنة والإجماع والقياس.

أو، نقول: هو بذل الجهد لاستنباط واستخراج الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية.

قال الإمام العلامة ابن عثيمين - رحمه الله -:
فالاجتهاد في الشرع: أن يبذل الإنسان طاقته ووسعه لإدراك حكم شرعي، وعليه؛ فمن أخذ كتابا ونظر فيه وحكم بما يقتضيه هذا الكتاب فليس بمجتهد، بل هذا مقلد، لأنه قلد صاحب الكتاب، ومن راجع الكتب وبحث مع العلماء في حكم المسألة حتى أوصله ذلك البحث مع العلماء ومراجعة الكتب إلى إدراك الحكم، فهذا يسمى مجتهدا، لأنه بذل جهدا لإدراك هذا الأمر.
والمجتهد في الحقيقة هو العالم، أما المقلد فليس بعالم بإجماع العلماء، فالمقلد ليس بعالم بالإجماع،

والتقليد في الاصطلاح : هو العمل بقول الغير من غير حجّة .

إنّ المقلِّد يأخذ بقول مَنْ يُقَلِّدُه ولا يدري أهُوَ
صوابٌ أم خطأٌ .

هل كل مجتهد إذا أخطأ له اجر ؟

شروط الاجتهاد

العلماء وضعوا للاجتهاد شروطا لابد من تحقيقها لكي يكون العالم قد بلغ مرتبة الاجتهاد، فيحق له الإفتاء والحكم والرأي

فمن هذه الشروط - كما بين الإمام ابن عثيمين - رحمه الله-:

أولا: أن يعلم من الأدلة الشرعية ما يحتاج إليه في اجتهاده، كآيات الأحكام وأحاديثها.

ثانيا: أن يعرف ما يتعلق بصحة الحديث وضعفه كمعرفة الإسناد ورجاله وغيره، - ويعني بذلك - لابد أولا من الدلالة - دلالة الحديث - وثانيا لابد من الصحة.

ثالثا: أن يعرف الناسخ والمنسوخ، ومواقع الإجماع، حتى لا يحكم بمنسوخ أو مخالف للإجماع.

رابعا: أن يعرف من الأدلة ما يختلف به الحكم من تخصيص أو تقييد أو نحوه، حتى لا يحكم بما يخالف ذلك.

خامسا: أن يعرف من اللغة وأصول الفقه ما يتعلق بدلالات الألفاظ ،كالعام والخاص، والمطلق والمقيد، والمجمل والمبين، ونحو ذلك، ليحكم بما تقتضيه تلك الدلالات.

سادسا: أن يكون عنده قدرة يتمكن بها من استنباط الأحكام من أدلتها؛- وعلق ابن عثيمين على هذا القول فقال - رحمه الله -: وهذا الشرط في الحقيقة هو الثمرة، فقد يكون الإنسان عنده كل ما سبق من الشروط، لكن لا يستطيع أن يستنبط، بل هو مقلد، يقول ما يقوله غيره، وأما أن يستنبط فلا.

ثم قال - رحمه الله تعالى -:
على كل حال لابد أن يكون عند الإنسان ملكة يستطيع بها أن يستنبط الأحكام الأدلة، والناس في هذه المسألة يتباينون تباينا عظيما، فتجد بعض الناس يستنبط من الحديث الواحد عدة مسائل، وآخر لا يستنبط منه إلا مسائل قليلة، أو لا يستنبط منه إلا المسألة التي هي ظاهر الكلام فقط...
هل كل مجتهد إذا أخطأ له اجر ؟

ويلزم المجتهد أن يبذل جهده في معرفة الحق، ثم يحكم بما ظهر له، فإن أصاب فله أجران: ( أجر على اجتهاده، وأجر على إصابة الحق) لأن في إصابة الحق إظهارا له وعملا به، وإن أخطا فله أجر واحد (أجر على اجتهاده )، والخطأ مغفور له لقوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر...

والمقلد لا يصيبه أدني تعب، فهو يسأل فلانا أو يأخذ الكتاب الفلاني ويحكم بما فيه، لكن المجتهد يحتاج إلى بذل الجهد في معرفة الحق، وإذا بذل جهده وراجع الأدلة وراجع كلام العلماء وتبين له الحق، وجب عليه أن يحكم به.

هل كل مجتهد إذا أخطأ له اجر ؟

وقد اختلف العلماء في أن كل مجتهد مصيب
أم المصيب واحد ، وهو من وافق الحكم الذي عند الله تعالى
والآخر مخطئ لا إثم عليه لعذره ؟

والأصح عند الشافعي وأصحابه أن المصيب واحد

وأما الأولون القائلون : ( كل مجتهد مصيب ) فقالوا : قد جعل للمجتهد أجر فلولا إصابته لم يكن له أجر ،

وأما الآخرون فقالوا : سماه مخطئا ، لو كان مصيبا لم يسمه مخطئا ، وأما الأجر فإنه حصل له على تعبه في الاجتهاد ،

قال الأولون : إنما سماه مخطئا لأنه محمول على من أخطأ النص أو اجتهد فيما لا يسوغ فيه الاجتهاد كالمجمع عليه وغيره

وهذا الاختلاف إنما هو في الاجتهاد في الفروع ، فأما أصول التوحيد فالمصيب فيها واحد بإجماع من يعتد به ،

قال العلماء : الظاهر أنهما أرادا المجتهدين من المسلمين دون الكفار .